ثمار

الأجسام أكثر مما تبدو في المرآة!

 

في مقدمة المجموعة القصصية (مرايا) الصادرة عن دار ميريت، تقول الكاتبة صباح سنهوري: “هناك جملة قد مرت عليَّ، أو قرأها الكثيرون من الناس؛ وتحديداً سائقو السيارات، هي تلك الجملة التي تكون مكتوبة باللغة العربية أو الصينية أو الإنجليزية، بأسفل المرايا الجانبية للسيارة: (الأجسام أقرب مما تبدو في المرآة).. تأملوا معي هذه الجملة لسبع ثوانٍ، حسن، ماذا وجدتم؟ لقد شعرت بالخوف لثلاث ثوانٍ، والآن لنجري تعديلاً على الجملة السابقة لتصبح: (الأجسام أغرب مما تبدو في المرآة) وتأملوها لتسع ثوانٍ؛ ماذ وجدتم؟.

لقد أعجبتني هذه اللعبة جداً. حسن؛ ماذا عن (الأجسام أسخف مما تبدو في المرآة)، أو (أتفه مما تبدو في المرآة). لا تنزعجوا ولا تتململوا، فأنا أدَّخر أجمل وأروع، ما رأيكم في (الأجسام أكثر مما تبدو في المرآة)؟!

ياللهول!!”.

ربما بذلك كانت الكاتبة تلعب مع القارئ الظهور من عدة مرايا، كما جاء في خلفية الغلاف. ولربما كان ذلك ما أثّر على اختيار العناوين التي جاءت في أغلبها من كلمة واحدة، ليمثل كل عنوان من العناوين العشرة وجهاً من وجوه المرآة:

غشاء – خطوط – ثورة – دوائر – إلى صديقي (كرة الفراء) – حواف – عبث – ولادة – تقاطع – العزلة.

جاء الكتاب في 56 صفحة من القطع المتوسط.

والكاتبة من مواليد 1990، نالت جائزة الطيب صالح للشباب في القصة القصيرة للدورة الأولى عام 2009، عن قصة (العزلة) التي وجدت احتفاءً كبيراً من النقاد والمتابعين حينها.
ترجمت قصتها تلك إلى الإنكليزية ثم إلى الفرنسية، في كتاب عن المعهد الفرنسي بالخرطوم عام 2013، إثر معالجة سينمائية أنجزها المخرج الأردني برهان سعادة.

جاء في خلفية الغلاف: “تمسك صباح سنهوري بيد زمنها وروحه، ويمضيان معاً، وتشهد عن إنسانه أينما وجد، فتنجو من سطوة الإيديولوجيا ومحاولات التعرية أو التعتيم”.

ومن قصة (العزلة) نقرأ مقتطفاً: “الجو حار، حار جداً وخانق، وكأن هذه البقعة هي المكان الوحيد الذي وُظِّفَت الشمس لأجله، وفي هذا المكان وصل الهواء إلى سنّ التقاعد، وربما لَقِيَ حتفه. تناولت زجاجة خمرٍ وبدأت بالشُرْب، رميت الزجاجة جانباً. ما زلت بكامل وعيي. خطرت ببالي فكرة، وهي أن أطوف بهذه البلدة، بدأت في السير على الطريق، ترى أين البشر؟. لكم أتمنى الآن أن يظهر أمامي كائنٌ من كان؛ إنساناً، حيواناً، سواء كان ذلك الحيوان مُستَأنَسَاً أو خَطِرَاً. لماذا أنا وحدي هنا؟”.

 

* كاتب من السودان

حاتم الكناني

كاتب وشاعر وصحفي من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى