يُصنفُهُ المساءُ
حارِساً أميناً لوحدتِهِ
حاصِباً لأنجُمِهِ بالإحصاءاتِ الضّالةِ.
يُصنفُهُ النّهارُ
ارتعاشاً مُتقناً لضجيجِهِ
نهراً صاخِباً لأعيُنِ العابِرينَ
التي تبرقُ بمشاعِرِ الولهِ.
تُصنفُهُ الشَّوارِعُ
شجراً مُرتبِكاً تتخطفُهُ الرِّياحُ
أُغنيةً مُتقطِعةً من مِذياعٍ بغيرِ ما مكانٍ
يتممُها صفيرٌ حارٌ.
يُصنفُهُ البيتُ
نافِذةً لإطعامِ الاحتمالاتِ بالغِبارِ.
يصنفُهُ الزُّوارُ
مجلِسَ أُنسٍ مُنعنعٍ
سلالَ قهقهاتٍ وبهارٍ.
تُصنفُهُ الجارةُ العجوزُ
إكسيراً للحياةِ
محطَ النجاةِ من الصيرورةِ الكُبرى
من الذوبانِ والانزواءِ.
يُصنفُهُ الأنبياءُ بذيلِ الطائرِ الهُلامي
يتمسكونَ بهِ للتسربِ نحو الأفقِ البعيدِ
لواذاً من الاختلالاتِ الضارِبةِ
بأطنابِها في الحياةِ.
يُصنفُهُ الواقِعُ ببيتِ الداء.
تُصنفُهُ الحبيبةُ تارةً بالربيعِ
وأخرى بالغرقِ.
يُصنفُهُ القلقُ بالجارِ والدّارِ
والوحدةُ بالقبيلةِ.
تصنفُهُ القُبلةُ بالوعاءِ الماهِلِ
للآهاتِ والإغواءِ.
يُصنفُهُ الجسدُ بالأرجوحةِ
والضوءُ بالخِلِّ الوفيِّ
والبناتُ بكُراسةِ السحرِ المُرسلِ.
يُصنفُهُ الأريجُ
بُستاناً وارِفاً يَصنعُ قبلهُ في القلوبِ
أثرَهُ الثري
ويمتحُ الثناءَ والرِّفعةِ.
يُصنفُهُ الناظِرُ إلى الزوايا المُهملةِ في التاريخِ
تفاصيلَ قلِقةً لما يمكن أن يكون قد حدثْ؟
يُصنفُهُ المُجندلُ بالأحزانِ
شجرتَهُ الوارِفةَ
التي يرقصُ ظِلُّها إثر الرِّيحِ.
تُصنفُهُ العذراءُ
بالأحبولةِ التي تجابهُ بعِناقِها المُتصاعِدِ
ثورةَ الرُّوحِ والجسدِ.
يُصنفُهُ الشايُّ بالجوفِ
والنعناعُ ببدنِهِ
والقهوةُ بالوطنِ.
تُصنفُهُ الحربُ بالشطِ الهارِبِ
والقتلى بالوسادةِ
والشهداءُ بالشيطانِ.
يُصنفُهُ الرّصاصُ بالمنديلِ
والدّمُ بالعريسِ المفقودِ.
تُصنفُهُ ساحةُ الحربِ بالزائرِ العَجولِ.
تصنفُهُ يدُ الموتِ باليتيمِ
واليتيمُ يتوجُهُ مَلكْ.
يُصنفُهُ السُّمارُ بالضوءِ
والساسةُ بالكلبِ الأجربِ
والحمقى بالشرطيِّ الذكي.
يُصنفُهُ التكدُّسِ بالبوتقةِ
والأحلامُ بالأصيصِ.
تُصنفُهُ المذاهِبُ بالقاتِلِ المُتسلسلِ
هو بيداءُ المؤدلجينَ
صهوةُ اللا منتمينَ
عزفُ الرّوحِ المسترسلةِ.
يُصنفُهُ البحارةُ بالمراسي
والقواميسُ بالرحيقِ والحريقِ، بالزهرِ.
تصنفُهُ الحُروفُ بالجروفِ
فإنهُ حليبُ الممكنِ إمساكه من بعضِهِ.
تُصنفُهُ اليدُ
خيطَ ضوءٍ تلاعبهُ ويذوبُ.
تُصنفُهُ اللوحةُ
ابتساماتَ المُتأمِلِ لأبعادِها الغريبةِ.
يُصنفُهُ الضوءُ أيضاً
بُرهاناً عن وجودِ مُدنِهِ المُزهِرةِ
في المساراتِ الواضِحةِ للعتمةِ
فالعتمةُ تُصنفُهُ إذن بخيبتِها
اللابثةِ في خبيئتِها.
يُصنفُهُ النهدُ بالحفلِ الراقِصِ
والخِصرُ بالنزقِ الخارِقِ
والخصلاتُ بالمرامي الخفيّةِ
والأصابِعُ بالنوتةِ الموسيقيةِ
والعينُ بالجوقةِ
والرُّوحُ بالقصيدِ الفالِتِ.
أصنفُهُ أنا
برفيقِ النبضِ والورقِ
حِجتي للاحتراقِ والارتفاعِ إلى أسفلِ الشفقِ
ومن ثم حجبهُ
والاعتناءِ بالإطلالِ على الطَلِّ والوشلِ.
……………………………………………..
………………………………………………………..
……………………………..
……………………
وهو لا ينفك عن كل نعتٍ يتمنعُ.
* شاعر وناقد من السودان