ثمارغوايات

قيلولة في بيت خوان ميرو

%d8%b9%d8%a7%d8%b4%d9%88%d8%b1-%d8%a7%d9%84%d8%b7%d9%88%d9%8a%d8%a8%d9%8a1

الحملان في المرعى

الطاولة من غابات الأمازون

القنّينة من رمل ليبيا الفاكهة من سماء بعيدة

سابحٌ في ملكوته أحلامُه تلامس ريحَ الشمال

قلبُ السكران يلمع كورقة شجرة

ماذا في الطّبق الزجاجي الأخضر؟

بضعُ كرزات حمراء جناحُ كائنٍ عظيمٍ حَطّ قبل قليل

غطاءُ الطاولة يلامس سجّادة قديمة

نملٌ يصعد ويهبط، لهفةٌ ترتعش على حافّة قنينة نبيذ

هي تركتْ وردتها، هو يجلس مغمض العينين

الدرب إلى بستان الصبّار في أوّله شجرة تين وفي آخره شجرة تين

ليت الطويبية شرشف

أطويه مرة على ذراعي ومرةّ على قلبي حين تنام الكائنات

أهداب الطويبية المرتخية أشجار

الهضبة الجنوبية سرير الطويبية ويح قلبي!

في ظلّه تزهر الحكايات

سكينةُ الليل عميقةٌ انظرْ قبرُ مَن ذاك

على قبّته تجلس الطيور وفي ظلّه تزهر الحكايات؟!

وراء النوافذ عيون تطلُّ على مقبرة

بين شمس تأتي وشمس تغيب حبلُ نشيج النائحات

العصفور توقّف عن نقر حبوب الشوفان

علبة أعواد الثقاب باردة المقصُّ يفتح فمه ليبتلع نفسه

في دورق البورسلين حيرة الحيتان

نشوة الغزالة يجلس الفنان واضعاً رجلاً فوق رجل

يقف الرجلُ ظهره قبالة اللوحة اليابانية

حسبها انحناءة عنق المرأة، حسبها استرخاءة الكيمينو

أحلامه خضراء تكاد تقفز من عينيه

يداه على صدره حياةٌ متوتّرة قميصهُ المخطّط علمٌ وساريةٌ

دقّات طبول خجولة تقترب

تحطُّ على خدّ فراشة ليس بعيداً عن شرائح خبز محمص.

طيور الحنّاء

 

اليدُ وراء رأسها فقط

لتمنع نظرات العابرين العجلى من الانكسار

لا يخاف إذا ما اقتربت السحب منه

لكنه يهتزّ إذا ما حلّقت فوقه طيور الحنّاء

على الحائط نهر وأشجار مشمش

على أرضية الحجرة حقل أرز وحقل لفت وحمار يقف قبالة شمس

على الحائط حاشية سماء زرقاء

على سقف الحجرة شجرة تين وسرب طيور لقلق تكاد تختفي

على الحائط بحر وسبّاحون مهرة

على أرضية الحجرة حقل نعناع  وحقل جزر على أوراقه تلمع قطرات ماء

على الحائط عيدان قصب تهزّها الريح

على سقف الحجرة كثبان رمل وسحالي وبقايا نيران قوافل رحلت قبل الفجر

كلّما اعطت المباني ظهرها للحقول

عَلتْ جلبةٌ وبكاءٌ نزلتْ من السماء غيومٌ وأوهام.

الطريق

 

الطريق الغارقةُ في سكينة الغابة

لا تصل إلى الجبال البعيدة تلتفّ على نفسها كثعبان تعب

طيّةً وراء طيّةٍ

صفّاً وراء صفٍّ تقف الكائنات عند المنعطف

قبل مجيء المساء

يرتّب المزارع خيوط روحه خيطاً خيطا

حسبه دخان البيوت

يصعد كثيفاً يغمره سكون الغروب الأبدي

لكلّ حقلِ حنطةٍ

سُلّمٌ تصعد عليه الفقراء ما أبعدَ أوهام المرابين الهشّة

في المدن الجديدة الظلالُ تتشابه

في المدن الجديدة الليلُ متعدّدُ الألوان الألحانُ هامشية

في المرآة المستديرة الصغيرة

الذراعُ عاريةٌ كشمس أغسطس العنقُ طويلٌ كشجرة دردار.

السمكة والأرنب

 

الحزام الجلدي على الكرسي

السمكة المدخّنة في الصحن الأرنبُ يتأهّب للقفزة العظيمة

كأنّ البصلة عند حافّة الطاولة ترغبُ في الانتحار!

غصنُ النعناع قائدُ حفلةٍ موسيقيةٍ الضيوفُ الغائبون همسٌ لا يسمعه أحد

يا لثقل قدميْ الفلاّحة على الأعشاب الغضّة

على الحائط منشفة بيضاء ظلُّها يَسقطُ من أعلى على مهلٍ تتقدّمُ القطّةُ

إلى أين سيهرب الأرنب؟

سلّة الفلّاحة فارغةٌ القطّةُ لا تُغمض عينيها لحظة

مَرجُ الحلازين عند فم الوادي

هل ترى العشبة ذات الورقات الثلاث هل ترى كيف تلمع نجمة الصباح؟

هذه شجرةُ العنكبوت المفترس

الثورُ يتلوّى عند جدعها حفرةُ الثعلب تضيقُ وتتّسع

رغباتٌ لا تهرم

لا تبقَ على حالها أيدي ممدودةٌ في الفراغ.

أمواج البحر عريضة

في الأعلى نملةٌ تسحب وراءها غيمة

شجرةٌ وجرسٌ يدقّ ويدقّ الوقتُ يدٌ ثقيلة

أمواج البحر عريضةٌ

أمواج البحر رغوةُ الصخور والرمال

عندما تهاجر الطيور

تأخذ معها استرخاءة الشيخوخة خصلة شعر تتأرجح على سلك كهرباء

صاح الديك في الفجر: كوكو كوكو كوووووووو

عندها نبتت نخلةٌ فوق رأسه الشمسُ استمعت إلى شكواه

كانت شجرة جبليّة

وردتها في علّيين وجذورها تزداد عمقاً في قلبه كلّ فجر

“هذه ليست قدمي!” صاح العاشق

“هذه قدم سارق الحنطة.” قال رئيس المخفر

“لكنها قدم بستة أصابع!” قال حلّاق القرية

“هذه قدم سائس الخيل.” قال بائع الحمص المطبوخ.

فم الغيمة

 

“هذه وحشة الشاعر المجنون.” قال صاحب الحان

“هذه أنا في حياة سابقة!” قالت الصبيّة

هل تعلم أين فم الغيمة؟

لا، لكني أعلم أين عين الغيمة!

أين عين الغيمة؟

فوق فم الغيمة تماماً! هكذا إذن! نعم، هكذا!

على باب الشمس الحمراء

وقف الأسدُ وقفت مغنيةُ الجاز وقف فرسُ البحر

وقف القمر وقف البحر

وقف الكثيب العالي وقف الليل وقفت النطفة

وقف الإله القديم وقف الإله الجديد

حدّقت الشمس فيهم مليًّا لم تتوقّف عن الكلام

في آخر هذا الطريق بستان صبّار

لا تخفْ امضِ في الفجر أو عند الغروب ستلتصق الأشواكُ بالندى.

أرأيت!

 

لك أن تصنع شمسك بورق مقوى

وأسلاك صدئة لك أن تصنع قمرك بوردة ذابلة

لك أن تصنع ليلك وحدكَ خُذْ من النهار كلّ شيء

لك أن تصنع نهارك وحدكَ افتح ْالنوافذ على شمس أخرى

وارفعْ السُتر حتى تصل أقدام الغيمة

أرأيت! لك أن تصنع الكثير كي ترى العالم كما هو

قبل أن تدخل المفتاح في القفل

تذكّر أن حيوات عديدة تقف أمام الباب

فستان الفتاة تهزّه شهوةٌ في انتظار حبيبها

تميلُ الأرضُ ترتعشُ الأيدي من ثقل الشهور والسنوات

حنحنة الأب يدخلُ بيته

يسوّي ثيابه في ظلّ ينحسر سريعاً يُبعدُ عنها غبار النهار

زفرة الجدّة تستلقي بطيئة خائفة

تنتشر في البيت قطراتُ مطر هفيفُ رياح وضحكاتُ ربيع.

 

 

 

*شاعر ومترجم من ليبيا يقيم في النرويج

زر الذهاب إلى الأعلى