ثمار

جغرافيا اللوحة السودانية (2)

عبد الحليم الخير

الصلحي كقامة قصيرة….؟؟

فرضية قياس شخصية الصلحي معنوياً لا تخلو من عصلجة فكرية تتقاطع تماماً مع ظرفه الإنساني فرحة به وحزناً عليه، على أنّ أساس هذا التقييم الحامض في مُحاولة ترسيخ فقه ومفهوم صناعة النجم التشكيلي في السودان يمكن أن يكون محاولة انتحار باكرة!فخوض غمار هذه المحاولة لا يخلو برضو من تسطيل عند البعض تستطيل معه فجاجة الصراحة والواقعية في مبحث التأثير والتأثر؟ التأثر أنجز فيه هذا الشيخ الجليل كل حقوق وواجبات الانتماء، يبقى هنالك التأثير كمطلوبات الواجب المفترض منه للتأطير فكرياً على الأقل لجوانب عدة تخص التجربة الشخصية خاصته وأثرها الحقيقي في التجربة التشكيلية السودانية (دا إن استحقت) إطلاق مفهوم التجربة عليها!!

كم هائل من التساؤلات المنطقية يُمكن بذلها هنا أولها وأخطرها هل الصلحي فنان تشكيلي سوداني؟ ومن أين وكيف يحق لنا استقاء الإجابة عن هذا السؤال الصعب والمتشعب على آفاق متأرجحة من الفلسفة المخلبتة ما بين تأسيسه الغربي أكاديمياً وما بين حياته في الغرب كلها وما بين انتماء لا يعدو أن يكون عاطفياً ليس إلاّ!! أليس شيخنا الصلحي نموذجاً صادقاً (للتشكيل السوداني عبر الطيارة) وعالمية هذه التشكيل وتجربته العرجاء؟! أليست تجربة شيخنا الصلحي في مؤدى وجوديتها ليست سوى تسطيح لإنسانية التجربة التشكيلية السودانية؟ هل هي مُتساوية في القيمة الإنسانية مع ما أفرزته تجربة شيخنا شبرين؟ هل وهُمْ في هذه السن المتقدمة (كسودانيين أوروبيين) – متّعهم الله بالصحة والعافية – قادرون على توجيه الفكر التشكيلي السوداني بما اكتسبوه من تجارب ومعارف لبراح العالمية الذين عاشوه تأثيراً وتأثُّراً به؟ ولماذا الاحتفاء بالصلحي؟

تنزيل

ولتوهيط النضمي الكُتر دا بدايةً وكهوية أدبية: أنا إنسان متمرد على كافة الأطر الفكرية المتعلقة بما يحيط بمسمى (التجربة التشكيلية السودانية) (خلونا نهضما كده) وليس من باب الاستثناء الذي قَد يلامس المُواربة، وبقصد السبيل قد نُقيم كأداة تشويش على ذات الأفكار المُرتهنة لذاكرة مُجترة مريضة!! وبمعنى دارجي أعمق أنا شوكة حُوت في حلق تلك القداسة القبيحة تاريخياً كفعل تزوير وتسويف لكثير من الحقائق!! ولغاية هني أستعيذ من خالقي من كلمة (أنا)!! وزي ما بقولن حبوباتنا السلوكة حقارتا بس في الطين اللين؟ وطين هذه التجربة من وجهة إنسانية يابس يباس السيح والريح، مع أن ريح هذه التجربة برضو قد ذهبت بعد الفشل المتوافق فقط مع جنس (التِلصق) دا!! وأسئلتي على فيض من درجة غبائها كزول غبيان ساي يناطح هذا التاريخ الطويل المقدس مع هذه المجاهل المعرفية والكارثية الفكرية، إلا أنها لا تستجدي غير قيم التداول الحُر بعيداً عن أي ريحة شخصنة أو محاولة ظهور!!

وما الصلحي؟ يعني بالدارجي برضو: الصلحي دا منو؟ الصلحي قدوة لي منو؟ قبل أن أطرح السؤال الحار: ماذا قدم الصلحي للتشكيل السوداني؟ وبالدارجي كده الصلحي دا وتجربتو (الغربية)، أبوة وأمومة، قدمت للتشكيل والتشكيليين شنو؟ من تأثر بالتشكيلي إبراهيم الصلحي؟ وما نسبة ذلك المئوية في بطن ذات المدعوة تجربة تشكيلية سودانية؟ ما هو الأثر المحلي لعالمية الصلحي في فكر التجربة التشكيلية السودانية؟ لنصف قرن من الزمان أليست النغمة كحجوة أم ضبيبينة إنو صلحينا قد رفع اسم السودان عالياً خَفّاقاً في المَحَافل العَالميّة؟ أليست هذه النغمة مع كل ارتقاء لهذا الاسم عالمياً هو ارتقاء لقيمته الشخصية كفنان تشكيلي (عالمي)؟ وبرضو هل الصلحي فنان سوداني لما يقارب النصف قرن وهو يعيش خارج سودانه العالمي بفضله؟ ألا يجوز للإنجليز أن يفاخروا به كما نحن؟ باعتباره يحمل جنسيتهم ويمتلك ملكيته الخاصة وعاش بينهم أكثر مما عاش عندينا؟ هل مسطحات الصلحي البصرية وعلى امتداد طول هذه التجربة الجمالية تُعبِّر عنا وعن هويتنا وعن أفراحنا وأحزاننا؟ عن واقعنا وعن مُعاناتنا؟ هل عبرت عن واقع تبدلات مجتمعنا؟ ألم تستخدم تلك المسطحات البصرية على علات استقاؤه موتيفاته من عندينا في توفير فرصة تسويق لأعماله في ذلك المناخ الأوروبي ورأسماليته الفنية الفاسدة؟ أليست مسطحات الصلحي كتقييم لا تعدو أن تكون تجربة شكلية خارجة عن أطر بيئتها تأثيراً وتأثُّراً؟ ماذا أنتج الصلحي للمكتبة التشكيلية السودانية كموازٍ نظري؟ ألم يكن بمقدوره الكتابة لنا – من باب النشر الهادف – لتستفيد منه على الأقل ما يقارب السبعة أجيال تأكلها ست عجاف؟ ألم تتوفر له كل المعينات لذلك من مال ووقت ومناخ؟ لماذا هذه القدسية للصلحي؟ القدسية التي وصلت حد الأبوة للتشكيل والتشكيليين السودانيين؟ ماذا أطّر الصلحي فكرياً لما ظللنا مقدودين بيهو ربع قرن من الزمان لما يسمى مدرسة الخرطوم؟ هل الصلحي فنان تشكيلي (أناني)؟

أنا من بعد التوكل على الله وبذات شفيف المقصد سأتولى الإجابة عن هذه الأسئلة الغبية بذات غباء وعُهر الفكرة نفسها والله المستعان على إمكانية الضدين الفشل والنجاح!! الصدق والكضب على دقون هذه الأزمنة الغابرة من (إحنا) كفعل سماجة فكرية لا تعدو أن تكون سيجارة بنقو (حلال) في شرع هذا الزمان المتكئ على ذات القدسية.

وللتأسيس المنهجي للإجابة على الأسئلة العويصة التي قدمت لها بأنها عصلجة فكرية !!قاعدة تتنطط قدامي الصعوبة زي كورة الشُراب!! أها كورة الشُراب أكان نطَّطت بتكون المحاولة دي ساهلة؟ وإن كان المثل الشامي يقول (الهريبة تلت المرجلة) فأحسب أن الهروب إلى واقع جديد يخصنا كوجودية ويعنينا في حمل أمانة التكليف في التفكير أولاً وثانياً محاولة الوصول لمراقي التفكر فهي قمة المرجلة الفكرية، فبسم الله مجراها ومرساها واللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً إلى مثل هذه التجربة النقدية لحكمة تعلمها أنت سبحانك، وهي مغامرة تقوم على هوى الرؤية الشخصية المشعبطة فوق رقبة جسد فكري يخصني ليس من الضروري الاتفاق معه أو الاختلاف فيه بقدر ما هي مُحاولة صَادقة حتى وإن كانت صادمة في لحظة ميلادها لأنها تستجدي الوعي الجماعي وخلق أرضية جديدة لتداول أمر العباد التشكيليين السودانيين ونشاطهم التشكيلي، والصدمة على قياس وقعها النفسي في فعل التسطير المُتمرِّد على ما سبق من شكل وقالب الكتابة النقدية ضرورية لاختصار كثير من وقت لفت الانتباه لمثل هذه محاولة متمردة على برودة (طانجي) (العواسة الفكرية) الراهنة وتسخينه لنأكل على أقل تقدير (كِسرة) رهيفة لا تسبب مثل النُفاخ والحيرقان الهسيدا!!

والمنهجية المرجوة كسبيل تسطير تلزمها ضرورات التأكيد على هويتي (كباحث) متمرد، و(كباحث) دي لا تعدو فعل (البحتي) فقط دون أدنى شك بعيداً عن علمية التعريف لمصطلح الباحث!! بل ولا أخشى التصريح بأنني (كفرت) بكل المسلمات واليقينيات (السهلة) التي تعالت جُدر بنيانها كجالوص فكري (مزبل) حول ما يُطلق على (التجربة التشكيلية السودانية)؟ ولا أريد أن أقول إنّ هذا التمرد قد وصل حد التطرف الفكري لانو دا وفي أيام الله الصعبة دي ممكن أن (نذبح شخخخ كالخروف) أدبياً ومعنوياً في مسلخ الإنسانية الفكري القبيح الراهن، وذات المنهج الواقعي قد يقود للتساؤل الذكي هو في شنو؟ الحاصل شنو في سُوق المَحاصيل التشكيلية السودانية؟ طيِّب أنا برضو قدمت أعلاه أن صعوبة القياس (المعنوي) لمثل هذه القامة بعيداً عن فهلوة وشيطنة عنوان المُحاولة يُقارب التسطيل كمزاج كتابة؟ لتستطيل مع هذا المزاج حيطان الصراحة والواقعية ليس من باب (الجديد) شديد، لكن كمرواد (كي) في جسد المدعوة اصطلاحاً (تجربة تشكيلية سودانية)!! كحالة (إنسانية مرضية) ولقناعتي المكتملة بفضل الله أن الجديد الشديد هو قياس الحالة الإنسانية (للتشكيل السوداني) و(لتشكيلية السودانيين).

* كاتب من السودان

* تم النشر تزامناً مع ملف الممر الثقافي الذي تصدره جريدة السوداني.

زر الذهاب إلى الأعلى