إلى حفيظ المتوني وما جاوره
يحفظ أسماء الخمور
زجاجة زجاجة
كأساً كأساً
رشفة رشفة
وكأنه خلق ليكون خبيرها
وحافظ أسمائها العجيبة.
يشرب بلا هوادة
لا يكلُّ ولا يملُّ أبداً
لكن طوال الثمالة
تنهمر دموع الألم من عينيه
وتنغرز سكاكين الحزن في قلبه!
حين يشتدُّ عليه الألم كثيراً
يصعد كبركان ثائر إلى جبل بركين
حيث صديقه محمد الزرهوني
الذي يمتحن هناك ذكاء الجبل في النهار
وينصت إلى مواويل الذئاب في الليل.
في كل خطوة يخطوها إلى الأعلى
يخفُّ عنه الألم رويدا رويدا
وحين يصل إلى القمة
يكون قد تخفف من كل شيء
إلا من نحوله وغرابته وحدة عينيه.
فجأة ينبت له هناك جناحان
يعانق بهما صديقه الزرهوني
ويطيران معاً إلى السماء
يغيبان طويلاً بين المجرات والكواكب
يفردان جناحيهما في الأعالي
ويحطان، تارة على منحدرات قرية أرشيدة الوعرة
يرشدان من هناك قطيع الغيوم الضالة إلى حقول الزيتون،
ويحرسان رقة الفراشات وبحة الزيزان.
وتارة يرفرفان فوق جسر ملوية
يعدَّان حبات النمش على جسد المغيب
ويغفران للنهر عثراته وأشواقه المتعبة.
وها هما الآن ينبثقان كقوس قزح في قلب جرسيف
يسيران بخفة في شوارعها وأزقتها الضيقة
ينثران من قلبيهما
بذار الشوق في الأسواق والمقاهي والحانات
ويغرسان بين ضلوعها
شتلات الورد والحب والريحان.
* شاعر من ألمانيا