ثمارغوايات

العاشق

ادريانو

دوماً ..

وفي الليلِ

حين يصعد العاشق تلَّ أوجاعِهِ

يُحصي الثواني

قطرةً قطرةً من دمه ،

تَمُرّ الطيوف زاهيةً بخيالهِ

تُحيل جسدهُ إلى هبوبٍ

وروحه إلى مديح ،

العاشِقُ المُعذَّب بالفساتينِ

طفل البساتين ،

صوتهُ بُكاء المُرِيدِ ولهفةُ الغائبِ

له في الجسد مسالِكٌ وعذابات

له في العذابِ لذَّة الوجعِ ورجفة الحنان المباغت ،

حين تهدأ أنفاسهُ تذوبُ رئتاه ،

العاشِقُ الذي يَتنفَّس معشوقه

الذي إذ رآه ،

 أصابتهُ أعضاؤه  بالغناء ،

هو دوماً لا حديث له ،

جِلدهُ ستائر مرمرٍ  تؤذي صمته ،

يبتلعُ أصابعهُ في كل مديحٍ يغشاه

ولا تَتغشَّاهُ السَّكينة ،

هو عدو نفسه ولا عدو له .

الـ يخافُ على روحه من روحه ،

الـ يخافُ على معشوقهِ من الزهرةِ النَّافِرة

من الماء قبل النار

ومن النور قبل الظلمة الحالِكة ،

العاشِقُ إلهٌ في سماوات الجسد

يغفرُ لمعشوقه وان لم يرتكب الخطايا ،

رسول العذاب

يُحرِق نفسه بالأسئلةِ الصِّامِتة

ولا يحترق ،

يُشعل أصابعهُ شمعاً لمعشوقهِ ويذوبُ على ثيابهِ ،

هو حين تراه ، لا تراه ،

وحين تسمعه ، لا تسمعهُ ،

هو حينٌ بين الحين والحين ،

ولحظة مُراقة بين اللحظاتِ التي تأكله ،

يسجِنُ نفسه في اللهفة

ويَسرُج ظهرهُ لتمتَطيهِ البراحات الواسعة ،

تجدهُ في الليلِ مُحتضِناً أنفاسه

كَسَرابٍ

يحسبهُ العَابِرُ ماء ،

حتّى إذا جاءَهُ لم يجدهُ شيئاً .

و ينظُرُ في الشيء ما لا يُرى

يَرَى الدمعة في خيالِ العين ،

روحه المُسَافِرة في الجَّمالِ الباذخ منذ القِدَمِ ، دليلهُ  ،

وجَسَدَهُ وسيطٌ بينها والأذى ،

يَعصِرُ الأبد

بأصابعٍ مِن المعنى وتعصِرهُ النظرة ،

كلمةٌ تُشِيخَهُ ولمسةٌ تُعيدهُ للطِّفُولةِ ،

تَراهُ سَاكِناً مِن شِدَّة الوجد

في الظَّلامِ يَرى النُّور ويمضي عاسِلاً في الكلام ،

يَرى في الشيء الواحد ألف شيء ،

وفي الآلاف يَرى الواحِد ،

مُصَابٌ بالليلِ و الأسى

يَغرقُ في التَّناهيدِ كلما عَبَرتهُ الطُّيوف ،

كلما شَرَعت أعضاؤه في الغناء .

وكلما جاءت بِنتٌ

بفستانها المملوء بالغمامِ  أحبَّها .

العاشَق الأعمى

الـ يَرى الأشياء بعين البصيرةِ الثَّاقِبة لا بِعينيه ،

لا تسألهُ عن بيتٍ ولا مال

له في كلِّ قصيدة ، بيت وأولاد ،

وفي كل امرأةٍ ، لهُ أُم .

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى