ثمار

ما هو تأثير غياب المكتبات العامة على المجتمع ؟

unnamed

المكتبة العامة مؤسسة ثقافية وتثقيفية يُحفظ فيها التراث الثقافي والإنساني الحضاري وتعمل على تربية جيل مثقف وواع قادر على تحمل المسؤولية في المستقبل من خلال انسجام الفرد في الإطار الثقافي العام انسجاماً  يؤدي إلى تكيفه وإلى حسن قيامه بنشاطاته المختلفة وتعتبر المكتبة العامة من المؤسسات المهمة في تربية وتعلم وتثقيف الشباب والأطفال وإثراء فكر الباحثين فهي جهة التنمية الثقافية بمعناها العام.

وفي جنوب السودان مثل غياب المكتبة العامة واحدة من التحديات الكبيرة خاصة بعد الاستقلال ، إذ لم تفكر السلطات الحكومية للدولة أو المؤسسات الثقافية في إنشاء مكتبات عامة على مستوي العاصمة و مختلف الولايات تساهم في عملية التثقيف و التنوير و المعرفة نسبة لصعوبة الوصول إلى الكِتاب من قبل الطلاب و الباحثين أو حتى المؤسسات الخاصة و الأفراد المهتمين بالقراءة و الإطلاع.

ويرى الكثير من الطلاب و المهتمين بمجالات البحث العلمي و الكتابة بان لغياب المكتبة العامة اثر سلبي في تغييب وعي المجتمع و ارتباط الأجيال الجديدة بثقافة القراءة والإطلاع.

يقول أليو أكول أكوك خريج كلية الدراما بجامعة جوبا في تصريح للـ(الموقف الثقافي) إن لغياب المكتبات العامة أثر سلبي على المجتمع لأنه يغيب الوعي الثقافي المجتمعي , كما يتسبب في الغياب التام للوعي الإدراكي العلمي لطلاب الجامعات و كافة المثقفين , و أضاف بالقول :”انه لو توفرت هذه المكتبات فإن المستوى العلمي , الثقافي , و الفكري للمجتمع سيرتقي لمصاف الدرجات العليا في الرقي و الفكر المتقدم الذي يسهم في دعم جهود التنمية في الوطن”.

هذا وعلي الرغم من وجود بعض المبادرات الهادفة لتكريس ثقافة القراءة في جنوب السودان لدي بعض المنظمات الوطنية مثل مكتبة (ليفز) و التي توفر للمستفيدين فرص الحصول علي الكتب عن طريق الاشتراك و الإعارة أو الإطلاع عليها ، لكنها قد حصرت نفسها في المكتبة الانجليزية ، مما حرم الكثير من المهتمين من ميزة الحصول علي الكتب باللغات التي يريدونها.

أما كابيلو أونك خريج جامعي  فيرى من جانبه بأن غياب المكتبات العامة هو الغياب الفعلي للوعي الثقافي في المجتمع الجنوبي  ولدى كافة المثقفين و طلاب العلوم المختلفة , مما يقود المجتمع نحو الانغلاق الذاتي و الحرمان من الأفكار الخلاقة و قدرات أفراد هذا الشعب للنهوض بالأمة , و هذا بدوره ، والحديث لأونك يقود لانغلاق الشعب على نفسه و قطع علاقاته بالمحيط الإقليمي و العالمي و مواكبة كافة خطوات التطور و التقدم المضطرد في مجال الأبحاث العلمية , مما يؤكد استمرار إغراقنا في مستنقعات الجهل , القبيلة , و التراجع الفكري و عدم الإلمام بالطرق المؤدية للتقدم و الازدهار المعرفي.

هذا ويعاني طلاب الجامعات و المعاهد العليا من مشكلة غياب المكتبة العامة في ظل فقر المكتبة الجامعية وافتقارها للكتب و المراجع المطلوبة بالنسبة لهم في كتابة البحوث و المقالات و في مجال الاستزادة المعرفية ، ويعود ذلك لعدم مشاركة تلك المؤسسات في معارض الكتاب المختلفة للتزود وتجديد القوائم المطلوبة وهذا في الغالب يعود إلى عدم وجود ميزانيات كافية للمكتبات الجامعية.

و يضيف كابيلو اونك إنه عانى كثيرا لكتابة بحث التخرج في جامعة جوبا مؤخراً لعدم توفر الكتب العلمية و المراجع التي تساعده على كتابة بحثه , و أضاف إنه عندما دخل المكتبة الخاصة بالجامعة وجد بها كتب قديمة تعود إلى فترة السبعينيات من القرن الماضي مما يعني إنها غير مواكبة للتطورات العلمية المتلاحقة في كافة المجالات .

بدوره شبه في رونجو طابو يور الأمين العام لجمعية (فوس) الثقافية تأثير غياب المكتبات العامة على المجتمع بغياب المدرسة بالنسبة للأطفال , مضيفاً إنه على كل ذي عقل أن يحلل مدى تأثر الأطفال بغياب المدارس و تأثير ذلك على مكونات المجتمع , و الجهود الرامية للتنمية في الوطن نتيجة للتخلف و الجهل و الرجعية الفكرية.

وأكد مليك انجلو الأستاذ بكلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية بجامعة جوبا , على الاثره السلبي العميق لغياب المكتبات العامة , والذي  يتمثل “في غياب الوعي الثقافي و نقص الجانب العلمي للإنسان مما يساعد على تكريس الجهل و الاستمرارية في ممارسة العادات الضارة التي تزيد من التخلف المجتمعي , و ما المشاكل و الصراعات الحالية إلا نتاج لذلك , فالعلم و المعرفة أساس قوة الإنسان , المجتمع ثم الدولة”.

* نُشر هذا التقرير تزامناً مع ملف الموقف الثقافي الذي تُصدره جريدة الموقف بجنوب السودان.

زر الذهاب إلى الأعلى