مع آرثر قبريال ياك

آرثر قبريال ياك، الذي عاش في صباه متنقلاً بين مدن السودان المختلفة، محملاً بحكاويها، وصورها الاجتماعية، ثم رحل إلى القاهرة، منفاه الأول لإكمال دراسته، ومن بعدها هاجر إلى الولايات المتحدة، يبدو – في قصصه – وفياً جداً للأماكن، بروح الإنسان فيها، وهو الذي لم يستقر في مكان قط، حتى حوارنا الذي كان يفترض أن يتم إجراءه بعد مقابلته شخصياً في الخرطوم، تحول إلى مراسلات إلكترونية، لمغادرته المفاجئة إلى القاهرة، لتدشين روايته الأولى “يوم انتحار عزرائيل”، والتي كانت حضوراً بمعرض القاهرة الدولي للكتاب. يقول آرثر أنه يكتب لأنه يؤمن بأن وجود الإنسان في الحياة ليس اعتباطاً، يجب عليه أن يفعل شيئاً، ولهذا يكتب هو. فلننتقل عبر جيل جديد؛ لنغوص عميقاً في عالم الروائي الجنوب – سوداني، آرثر قابريال ياك.
حاوره: سانديوس كودي
(س) آرثر قبريال، عرفناك قاصاً، فما هي قصتك أنت؟.
(ج) آرثر ليس سوى شخص ضل طريقه إلى دراسة الطب البيطري، في جامعة القاهرة، وتخرج منها بميولٍ أدبية، لا علاقة لها بالعلوم البيطرية على الإطلاق. كنت أقضي معظم العام الدراسي سائحاً في الأمكنة، وأتعرف على شخوص جميلة بين صفحات الأسفار الأدبية. أفادتني دراسة الطب كثيراً في كتابة القصة القصيرة والرواية لاحقاً. دراسة علوم الميكروبيولوجيا (علم الفيروسات، البكتيريا، والطفيليات) جعلتني أجد مُقاربة كبيرة بين البشر، وتلك الكائنات الدقيقة: كالبكتريا، هناك إنسان ضار، وآخر غير ضار. الطفيليات، ما أكثر الناس الذين يشبهونها. أما الكائنات البشرية الفيروسية فما أشرسهم عن الفيروسات ذاتها. معرفة عمر الحيوان المريض وتاريخ حالته المرضية، ومن ثم الكشف والتشخيص، وصولاً إلى المرض المحتمل، ووصف العلاج، كل تلك الأشياء شبيهة بوضع بروفايل لشخصية روائية، أو بخطوات كتابة قصة قصيرة.
أغلب سنوات عمري عشتها خارج الوطن، وحالتي ربما ليست الوحيدة في جيلي. درست المرحلة الابتدائية والمتوسطة في مدينة، الثانوية في كسلا وشندي، الجامعة في القاهرة، ثم هاجرت الى أمريكا. عُدت إلى الجنوب في 2009، وكان كل شيء يبشر بمستقبل أفضل، إلى أن انقلب كل شيء رأساً على عقب، ليجد الإنسان نفسه في وطن شبيه بالمنفى وربما أسوأ!، وطناً جميلاً حلمنا به، وما أن استيقظنا من قيلولة سنتان من الحلم الجميل، حتى ألفنا أن كل شيء قد تلاشى، وأن ذلك الحلم لم يكن سوى سراب شمس صيف قائظ.
(س) أويمكننا أن نقول: أنك كاتب منفي؟!. بمنظورك، ماذا تصنع المنافي في الكاتب؟.
(ج) رغم أن المنفى قد يصقّل من تجربة الكاتب الإبداعية، بالاطلاع على تجارب الآخرين، والاستفادة من تجاربه الخاصة، إلا أنه في الوقت ذاته، من أقسى التجارب التي يعيشها الإنسان، وهو يشعر بأن جذوره تنتمي إلى بقعة جغرافية معينة، في خريطة العالم، لكنه مُشَتَت، مُبَعَثر، يشده الحنين إلى وطنه، حنين الطفل إلى حضن أمه. الأمر أشبه بسجنٍ اختياري كبير، يجوب فيه المرء ويصول، ولكنه لا يستطـيع الخروج منه، والذهاب إلى وطنه الذي هو بمثابة الماء والهواء، الأهل والأصدقـاء، التسكع في شوارعها بحب عارم، لا يضاهيـه حب آخر. هذا السجن الكبير (المنفى) يجبر الكاتب على إعمال مخيّلتـه بصورة متواصلة، ليكتب، ليُنجّز شيء ما، ليُبدع. المنفى يجعل الكاتب أكثر انفتاحاً على الشعوب الأخرى: ثقافاتها، عاداتها، تقاليدها، إضافة لتجاربه الشخصية المختلفة. كل ذلك، يجعل من الكاتب مواطناً كوزموبوليتياً، متصالحاً مع ذاته، ومع الآخرين، مهما اختلفت مشاربهم.
(س) ما هي العوالم التي شكلت منك أديباً؟.
(ج) أعتقد أن حلمي، ومنذ أن كنت تلميذاً، هو الذي جعل مني أديباً. كنت أتسلل إلى تحت السرير، وأسحب الكراتين المكدسة بالكتب، مقلباً صفحاتها الصفراء. أجاثا كريستي وروايتها “جريمة في القطار” هي الرواية الأولى التي وقعت بين يدي، وفتحـت مخيلتي على عوالم غريبة. كانت تلك المكتبة المتواضعة تملكها أختي. منذ ذلك الوقت أصبحت مهووساً بالروايات والشعر والقصص، وكنت أشعر بالغيرة، وأنا أرى اسم المؤلف/ة، والصورة على الغلاف، مما جعلني في يومٍ من الأيام أن أقول لصديقُ لي، أن امنيتي في الحياة هي أن أرى إسمي وصورتي يوماً على غلاف كتابٍ، لم أحدد نوع كتاب بعينه. وقد تحققت أمنيتي، بيد أن صورتي لم تظهر على الغلاف. غرقت في روايات كريستي، وسرعان ما مللت من عوالم الإجرام، والأجواء البوليسية، التي تعج بها رواياتها. قبل ذلك كنت أحب جداً ما تجيد بها قريحة الأستاذ شرحبيل، ومخيّلته الخصبة، في مجلة الصبيان. شخصية عمك تنقو المضحكة، برأسه المفلطح، وصلعته اللامعة، إلا من شعيرات متناثرة، منتصبة، كأنها دبابيس مغروسة وسط حبيبات العرق. ربما للملل الذي أصابني منها عندما كنت طالباً في الثانوي، تركت عوالم اجاثا، وغرقت أكثر في قراءة الروايات، إلى أن وقعت في يدي ذات يوم رائعة الطيب صالح “موسم الهجرة الى الشمال”، والتي التهمتها في جلسةٍ واحدة، ثم القيتها في السرير أُحدّق فيها، ومخيّلتي تحوم بعيداً، في عاصمة الضباب. مصطفى سعيد يرى نفسه، ولا يهمه من كل هذا إلا أن يملأ سريره كل ليلة. جُلت بناظري في فضاء الغرفة، وفجأة حدجت الرواية، مرة أخرى، بنظرة صارمة، وقلت في نفسي: إن كانت تلك هي الرواية “موسم الهجرة إلى الشمال” فيمكنك أن تكتب رواية يا آرثر.
جذبني بعدها الكثير من القصص القصيرة، والروايات الأفريقية، ل شينوا اشيبي، سمبين عثمان، آموس تاتولا، نادين غورديمر، وآخرون. كانت لقصص وروايات أمريكا اللاتينية اليد الطولى في اتخاذ حيز كبير من اطلاعي، ربما لتقارب ثقافاتها وعاداتها وبيئتها مع الحياة الأفريقية. كنت انتقائيا جداً في قراءاتي: قرأت كل قصص وروايات العملاق غابرييل غارسيا ماركيز، وكذلك نصوص خورخي لويس بورخيس، التي تُهيم بك في متاهاته الجميلة، روايات ميغيل أنخل استورياس، جورجي أمادو، وآخرون. كانت قصصهم تحكي عن عوالم شبيهة بعوالم السحر، والكجور، والطقوس الغريبة، التي رأيتها في مدينة واو وأنا بعد طفل صغير.
بلا شك الحياة في مدينة واو، كانت غنية بغرائب وقصص عجائبية، بحيث تجعلني، أحياناً، لا أستطـع أن أغمض جفني طوال الليل من شدة الخوف، إلى أن يسرقني النوم. مثلاً: فجأة، في يوم من الأيام، أخذ الناس يركضون من سوق جو، متجهين إلى منزل بالقرب من السوق، يقطنه بعض الأخوة من قبيلة الفور. ركضنا وراءهم، وروح حب الاستطلاع الكامنة في نفوس الأطفال تدفعنا دفعاً، لنرى ما كان يدور داخل حوش ذلك المنزل. لم نر ما كانوا يتحدثون عنه، كانوا يقولون: “والله قال هم دفنوه في الفاشر، وهسع لقاهو في السوق!”، يعني أن الأمر يتعلق بموت شخص في الفاشر، ووُري الثرى، ثم قام من المـوت، وظهر في واو!، ألم تر يا صديقي كيف أن الموتى يعبرون المسافات؟، إنه أمر مفزعُ للغاية!. أو أن شخصاً مات غرقاً، في نهر الجور في مدينة واو، ثم ظهر بعد سنين جالساً في منزل أجـداده في قريتـه، التي تبعد أميالاً وأميال من المدينـة. كثير من الحكاوي، والقصص، والأساطير، التي كنا نسمعها، ونراها، والروايات والقصص التي قرأتها لاحقاً، ربما هي التي روّتني، وروت البذور الأولى للإبداع داخلي، ومن ثم شكّلتني. ربما، وربما هناك أشياء أخرى، لا أعلمها!.
(س) نلاحظ حضوراً مكثفاً للمكان في قصصك، الحاج يوسف، القاهرة، مكاتب الأمم المتحدة، المطارات، وغيرها. هل هي الواقعية؟، أم أنها قضية الإنسان السوداني، والجنوب – سوداني، الذي ظل خلال عقود يبحث عن مكان، بعد أن احالت الحروب الوطن إلى خراب؟.
(ج) بالطبع الأمكنة هي الحقيبة التي أحملها دوماً، وما زلت أحملها في ذاكرتي. إنها واقع مرير، فرض نفسه على كتاباتي بقوة، دون أن أفرضها على نصوصي. المكان بالنسبة لي ليس الشوارع، وكتل الإسمنت المتراصة، والأنهر، والأشجار، ومجاري الصرف الصحي. المكان عندي هو الإنسان. الحاج يوسف عندي هو إنسان الهامش، الذي يكدح طوال اليوم داخل العاصمة، ليُسافر في نهاية اليوم إلى كرتون كسلا، حتى يحظى بقنينة عرقي، تمحى عن ذاكرته شظف العيش، وقسوته، ولو لليلة واحدة. القاهرة هي اللاجئين الذين قُتِلوا في ميدان مصطفى محمود، وهم يطالبون بحقهم في الاعتراف بهم كلاجئين. ليس هنالك من يتمنى أن يكون لاجئاً لولا أن الوطن أناخ بكلكله على صدره، فلم يعد يتنفس رغم مساحة دولته الشاسعة. القاهرة بالنسبة لي أناس عرفتهم، لم ولن أنساهم، رغم مغادرتهم هذي الدنيا الفانية: أحمد الطيب عبد الكريم، سامي سالم، بشار الكتبي، صديقي العزيز المثقف الألمعي دومنيك مارتن، حسن (الصاوي)، هؤلاء جعلوا القاهرة جميلة، رغم المآسي التي مررنا بها كطلاب ومنفيين. الم يُكتب في دفتر ثقافة الوطن، أن فترة التسعينيات في القاهرة، كانت هي العصر الذهبي بالنسبة للمثقفين السودانيين؟. كان هناك الشاعر أكول ميان كوال، الشاعر والقاص والمسرحي يحي فضل الله، الشاعر خطاب حسن أحمد، القاص والناقد عبدالحميد البرنس، وآخرون كثر. هؤلاء هم المكان بالنسبة لي.
(س) لماذا يكتب آرثر، ولمن؟.
(ج) آرثر يحب شيئان فقط: القراءة أولاً، ثم الكتابة ثانياً. لم أكن أتخيّل كيف كان ستكون حياتي بغير الكتابة. أكتب لأن طموحي حين كنت طفلاً قد تحقق، فكيف أتركه؟!. أكتب لأن الكتابة تشعرني بقوتي وتأثيري. أكتب لأني أؤمن بأن وجود الإنسان في هذا العالم ليس وجوداً اعتباطياً، فكل إنسان جاء إلى هذا الدنيا، عليه أن يترك شيئاً ما، أن يترك أثراً، أن يغيّر حتى ولو نفساً واحدة. لا يمكن أن تأتي وتمر مرور الكرام. أنا لا أريد أن امر كضيف ثقيل الظل، ما أن يحل في مجلسٍ ما يمجده الناس، وما أن يغادر الناس، يتنفسون الصعداء. أريد أن أجعلهم يقفون على رجلٍ واحدة عندما أكتب شيئاً، أهزهم في مقاعدهم، أزعزع قناعاتهم الزائفة. أليست الكتابة سلطة بهذا المعنى؟. أكتب لأني أحب هذي السُلطة التي لا يعرف قيمتها إلا القلائل؛ سُلطة رموز، نصنع منها كلمات، ونصيغ منها جمل، تُخيف حتى أعظم العتاة المتسلطين.
(س) إذاً، متى سنصل لتلك الحالة، التي ستكون فيها الكتابة سلطة مؤثرة؟، أو متى سيصبح صوت الكاتب مسموعاً؟.
(ج) لا أعرف متى، خاصةً في مجتمع غالبيته من الأميين. في ظل تفشي الأمية إنه من الصعوبة بمكان أن يكون صوت الكاتب مسموعاً في مجتمعه، بيد أن هذا سوف لا يكبح جماح مخيّلتي في انتاج ما يساهم في ترقية إدراك ورفع وعي هذا المجتمع. وهذا الوعي سوف لا يرتقي إن لم يسبقه التعليم. لكن يمكن القول أن هنالك تأثير كبير على من يتقلدون المناصب السياسية. يبدو أن هناك تأثيراً قوياً، لا أعلم إن كان إيجابياً أو سلبياً، على المتحكمين في مقاليد السلطة، والا لما توجسـوا وارتعدوا من قوة سلطة الكلمة المكتوبة، وحاربوها بشراسة لا تقل عن شراسة محاربة عدو مسلح!.
(س) لأن الجهل ربيب الدكتاتوريات، بينما الوعي عدوها، ماذا أنت قائل بخصوص ذلك؟.
(ج) بالطبع، الجهل هو البيئة الخصبة التي تنمو فيها فيروسات الأنظمة الدكتاتورية. أنظر إلى الميزانيات المخصصة للتعليم من قبل الدولة في ظل الدكتاتوريات، مقارنةً بالتي تخصص لأجهزة قمع الشعب، وابقاءه في قُمامة الجهل!، حتى الجهل في ظل الديكتاتوريات، يا عزيزي، تُقمع وتُنكل وتُعذّب لتغوص في الجهل والخوف أكثر!.
(س) يقول إدوارد غاليانو: “إننا نكتب – يقصد كأدباء – لنعيد ترميم التشويه الذي أحدثه الإنسان في العالم”. هل تتوافق مسئولية الكاتب، ومقدار التشوه في محيطه الخاص؟، أنت مثلاً كتبت عن الحرب في الجنوب، ث تجربة النزوح، ثم الهجرة، ثم الانفصال، واستقلال الجنوب عن السودان الكبير، ثم الانتكاسة وحرب أخرى، ألم يُنهكُك هذا ككاتب؟.
(ج) إذا كانت الحرب لا تُنهِك آلهة الحرب ذاتهم، فكيف تُنهكني الكتابة عنها؟. الحرب بالنسبة لهم هي البيئة الصالحة التي من غيرها لا يتنسفون، من غيرها لا يصنعون الجوع والفقر والمرض، من غيرها لا يستطيعون دس أنوفهم في قذارة الفساد والاستمتاع به!، فالسلام بالنسبة لهم، منهكُ جداً. السلام يكشف عورتهم القبيحة. العالم حولنا أصبح مشوّهاً، إن لم نرممه، نصبح نحن أيضاً مشوّهون. أنا لا أكتب للترفيه والاستهلاك، ومن أجل متعة القارئ. أمارس هذا النشاط الاجتماعي (الكتابة) كي أرفع من مدارك الشعب، ووعيه، ليُدرك أن الذي عقدوا معه عقداً اجتماعياً قد داسوا ومزقوا مستند هذا العقد، واستخدموه في مراحيض السلطة. ولا شك أنه في يومٍ من الأيام سيدرك ذلك. الحرب سوف لا ولن تُنهكني ككاتب، ولكن ما يُنهكني، ويقتلني، هو الاستكانة، والاستسلام، والقول بأنه لا يمكن إصلاح الحال بصورة أفضل مما كان. تلك هي الانتكاسة الكبرى، التي أتحاشاها. تعرية المتشبثين بالسلطة عن طريق استغلال قبائلهم البريئة براءة الذئب من دم ابن يعقوب، وفضحهم على الملأ، هي مهمتي التي سوف تنكهني البتة.
(س) لهذا تعود في “يوم انتحار عزرائيل”، لتكتب عن واقع مأساة جمهورية جنوب السودان الآن، بتعقيداته، لو سمحت لي أن افصل العنوان عن نص الرواية، هل يمكن أن ينتحر عزرائيل، ليتبرا من أفعال الإنسان، أو ليكسر الطبق في يده؟.
(ج)عزرائيل في الأديان؛ هو الملاك المسئول عن قبض روح الإنسان، وتسليمها إلى الله، بعد أن يتلقى أوامر بفعل ذلك من الله نفسه. أي أن عزرائيل لا يتصرف بمفرده: إذاً هو عبد المأمور. لذا أرى أن الكثيرون يظلمونه حين يقولون أنه ملاك الموت، أي أنه هو الذي يقتل. عزرائيلنا في الرواية هو (كولونيل فرانكو) بطل الرواية الذي يُنفّذ أوامر مرؤوسيه، أو قياداته في الجيش. يُنفّذ الأوامر التي كان يراها واجباً وطنياً لحماية سلطة قبيلته، بالانتقام من القبيلة المنافسة لهم في السلطة. إنه يقتل، بأوامر، واقتناع، جعلته أعمى لا يرى خيراً في القبيلة التي تشكل خطراً عليهم، وإن أقل ما تستحقه تلك القبيلة هو الموت. ولكن عزرائيلنا هذا، عكس عزرائيل الأديان، فقد وصل إلى طريق مسدود، بعد أن ألفى نفسه في مأزق أن يُنفّذ أوامر قيادته العليا، أو لا يُنفّذ!، بين أن يزهق أرواح بني جلدته، أو يبحث عن طريقة أخرى للخروج من مأزق المُستَغَلْ. هي ذات الأوامر التي كان يُنفذها بسعادة شديدة، ورغم أنها كانت ضد ذات أفراد القبيلة التي كان يسوقوهم، كخراف إلى الذبح، إلا أنه اكتشف، مؤخراً، بأنه ينتمي إليها. فكان ما كان، تحول عزرائيل، في لحظة مأزق رهيب، من ملاك يقبض أرواح الناس، وفقا للأوامر التي تأتيه من فوق، إلى قائد وجندي يأمر نفسه بأن يقبض على روحه في لحظة يأس رهيبة.
(س) بعد “يوم انتحار عزرائيل”، هل من مشاريع قادمة، أم أنها قيد الوحي، أو شيطان الكتابة كما نسميه؟.
(ج) نعم هناك مشروع أشتغل عليه الآن.
(س) أخيراً، ماذا تود أن تقول قبل أن نختم حوارنا؟.
(ج) لا أملك إلا أن أُشيد بتجربتكم الثرة في “جيل جديد”، التي تدل على أن للشباب مقدرة فائقة في إنتاج عمل ثقافي بحجم مجلتكم. وشكراً على الاستضافة.
*(نُشر هذا الحوار بالتزامن بين ملف الممر الثقافي و مجلة “جيل جديد” الإلكترونية)
* * تم نشر هذا الحوار وفقاً لتزامن بين مجلة البعيد الإلكترونية وملف الممر الثقافي الذي تصدره جريدة السوداني .