ثمارغوايات

مناورات في غابة اللّيل

اصمعي - حوار

إلى شوقي باشري
صديقي العنيد

طمأنينة
خُذ قسطاً من الوَحشة
وأطلق صرختك،
فالعالم في طريقك موجة عابرة.
أعرف ذلك جيداً منذ طفولتنا
منذ أن التقطتك شجرةٌ ذات يوم كثمرة لجرحها المؤبد
منذ أن صارعتك ثيران جدِّك
وقلت حينها إن الهزيمةَ نصرٌ،
فقط لأنها بلا وجيع
وضحكت بنوبتك المعهودة
منذ ذلك الوقت
وأنت تشتري الموت
وتبيع للأصدقاء حياتهم
قلت لي بأسلوبك الساخر: (لماذا جاء هؤلاء متأخرين؟).

 

مسافة
ما بيننا زلة اللِّسان
ومناورات اللّيل
وبيننا غابةٌ من المعنى
مملكة للصّمت
مكنسة للهرولة
مودة للصعلكة
ورصيفٌ طويلٌ للنِّسيان
طَعَنَتك مرّةٌ سكّينُ الحُزن
قلتَ: دمي نافذة لغرفة بعيدة
وبقايا جُثَث في معارك الكتمان
ومع ذلك ما زلت تعلّمني حسابَ المسافةِ بين السؤالِ والقفز فوق الهاوية.

 

ذكرى
“الذكرياتُ تطفح،
والدم ُالمثخن بالهزيمة كان عطرُها
صار الموت شارعاً لبيتنا الوحيد
نشعل له الصراخ كي تنتبه الجهاتُ كلّها
جهةٌ للجرح على يد الوداع الأخير
جهةٌ للحقل يَهِبُ فاكهته للغرباء
وجهةٌ تغسل سرير الفراغ.

الظنون تُطرِّز وسائدها للضحايا
والطين يُنجِبُ في كل دربٍ حذاءً للندم”.

 

لَذّة
تحت سقف الشهوات تُمطر لحظة مجنونة
على وقع ارتعاش شمعة بعيدة
كانت الريح تغمض عينيها
وتؤنث الليلة:
رجل بضلع أعوج
وامرأة بأصابع طويلة!

 

 

ميراث
تركوا لنا هذا المشغل
نسجوا سريرة نادرة من السيرة
ثم مضوا
واحد منهم سمّى القرى بلهجة المدينة
آخر خبأ الغربة في حجرته
وفتح النافذة على الحزن
ثالثهم كان ربّهم
قطع أصبعه وغنّى
واستباح
الغبار
والنخيل
وحجارة البيّارة
تركوا اللحظة
ونسجوا خيالاً واسعاً من البهجة.

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى