غوايات

عُزلةُ الدم

مرحٌ خفيف

بقلبي كائناتٌ وُلدت لأجلك

منذُ سكتَّ لوهلةٍ قصيرةٍ بين سطرين

وهلةٌ تكفي لإدراك ذلك العقد الخفيّ بيننا

كمن يتعرّف على فردٍ من قبيلته بين غُرباء!

الآن وقد تحوّل المكان

و طغى ضجيج البدايات على وجهك ولحمك

وَوُلِدَتْ من بعدك أيامٌ كثيرة

لا يزال رُكنٌ قصيٌّ من العالمِ الـ لا وقتيّ

يأوي قمراً كبيراً معلّقاً في صحن الدار

و رمالاً ناعمةً مقشوشةً بعناية

تعكس ظلالها في خطوطٍ ضيّقة ومتوازية

وتنثر الفضة مرحاً خفيفاً في عتمة الليل.

المنفى

منذ الولادة يُقطعُ الحبلُ السري

يقذفُ الطفلُ من سائله السريري الدافئ والمعتم

إلى عالم ينتظره مزركشاً بالأصواتِ والأضواءٍ والروائحِ والبرد

الميلادُ أول المنفى

الطفلُ أعزلٌ وأعمى

يبحثُ كدودةٍ عن جِلدِ أمه

يتشرَّبُ عزلة الطفلة فيها وينام

عويلٌ يرنُّ

شيءٌ ما داخل فزعك

مربوطٌ في رحمي

وأنا أبحثُ- جوراً-  فيك

عن حبلٍ يعتقني من عزلةِ الدم

فقأتَ عينيك هلعا مما يعدك به العذاب فيك

وها أنت كأبيك

تلتهم بريق الأرواح لتُسكِت العويل الذي يرّنُ عبر كل أجيال خلاياك

تقدّمُ القرابين للهوّة التي تتّسع شبقا للمزيد

لست تدركُ ما يقودك نحو حتفك

و هو يرصد رائحة الدم في لحمٍ آخر أقل اهتراءً

من قلبك الجبانْ

زر الذهاب إلى الأعلى