ثمارغوايات

ثمرةٌ في المهبّ

 هاشم-يوسف-2-غلاف-232x160

 

ستفوتني الأمطار والصلوات كلها

وأنا عاكفٌ هكذا بين يديك

يا رقّتي

 

الظهيرة عندكِ حارةٌ

محمرّةٌ وتطعنني في ظهري

تحت هذا القميص المخطط بالليمون والملح

فأبصر ألمي يكاد يحلق بين قممي المتلهّفة..

لكنه فجأةً يبصر نفسه على مرآتي

فيعود إلى موته

ليعود إذا عدتُّ

 

كنتُ سائراً بين قصبي اليابس

يحتلني ظبيٌ هاربٌ

وتطاردني اشباحه

لم تستطع قدماي الهرب

لذا أقمتُ في هذا الجيتار المجاور لحزني سنيناً

وصرت أتعاطى معه

هذه الوجبة من الأغنيات الخائفة

 

كما انني مهووسٌ بصبّ الزيت على هذه الصخرة النيئة العمياء

حتى انطهى كبدي على سطحها

وحين انبطحتْ على كتفي السنوات كلها

وجثوتُ

تدحرجتْ من بين يديّ دون أن تلقي عليّ الوداع

ولم تأخذني معها لأبصر الهاوية

ركض الرواة خلفها ليكتبوا ما حدث

لم يروا إلا دمي يتدفّق بينهم

حاولوا إيقافه بكل أقلامهم،

لم يستطيعوا اقتحامي

هكذا ولدتٌ بينهم شاحباً

ويقيني هذه الدموع الكثيرة التي تعرفون

 

اقرأ بين سطور هذا الحجاب اسماءكِ

مدفونةٌ بجبروتها تحت فضّتي النازفة

يفيض منها أرقُها

ليملأ الدفاتر التي داخلي

يتوسّط كلماتي

يلاكزها بمهمازه الوقت،

رأيتُ السوس ينسلّ من مسامات جلدي،

فارتْ في عجينة الصراخ،

أحسست بمرارته في كبدي،

حاولتُ طرده بالتقيؤ،

فإذا به يخرج من عيون لساني

تلك التي تغمز للمذاقات كلها مهما كانت مقرفة

 

أيّها الصوت

كلما ادخلتُ قدميّ في حلقك

لم أستطع اسكاتك

سَرَت كهرباءك في عظامي

وصارتْ ترطن بشدة.

كلما هززتُ الاصابع

لا لحّن الهواء الذي يخنقني بشدة

اهتزّتْ الالحان المكبوتة داخلي

امتلكتني قليلاً

ثم همدتْ

ثم أخذني الأرق منها إلى بيته

غسلني بحرقته

ثم تركني ليكفّنني من يأتي بعده

ثم حط عليّ الذباب

حملني إلى وكره

تغذّى علَيّ لابدين كاملين،

فلم يتبقّ منّي

غير عظام هذه الرؤية الناحلة

التي تريد ان تقتسمَها البحيرات العمياء بينها

لتبصر بها ما يمكن ابصاره

ثم تقوم بإطفائها اثناء السباحة

 

 

بللٌ حدّ التمزّق

يحفّه مللٌ عظيمٌ وغثيانٌ مر

بينهم..

واثناء هذه الطحالب التافهة المستفحلة

لابد من شرارة

لابد من طعنة لإيقاظ الجثة

لابد من قنبلةٍ في القصيدة

استيقظي الآن أيتها الفاكهة النائمة

حطِّمي هذه الحجارة المُرّة التي تطفو على قشرتك

انضجي

لقد ملّ هذا الغصن أنفاسك البطيئة

يريد استبدالك ولو بحشرة صغيرة.

ضعي خطوتك الاولى على الجمرة التي تليك

أغمضي عينيك

استدعي النومة الاخيرة فيهما

لتصلها بعض الحرارة عبركِ

نريد لهذا العنكبوت السام التسرّب إلى ذهنك

نريده ان ينظر من تلك الشرفة

لا تلمسي ظهره بيدك الميتة

لا نريده ان يقفز من البلكونة

نحن نيامٌ تحتها

تتحدّث فينا النمور بأنيابها

لا نريد النهوض

على اقدام مواقيتنا المحطمة

مملوءون بالنعاس تحتك

ليست تحتنا تربةٌ أبداً

نَمَوْنا على هذا الهواء المُرّ

أعصابنا جذورٌ ميتةٌ

ومرايا عقولنا

متاهةٌ تترقرق داخلها المتاهات

 

في هذا المكان الذي اسمه اين؟

ساهمتُ بدمعةٍ واحدةٍ فقط

حاصرني البكاء من كل اتجاهاتي

طالب بلحمي

صار يقضم مني ويقضم

حتى ملأتُ حلقه

أريد الذهاب إلى عمقه لإيقاف البحيرةالتي تقرصني من داخله

رفضتُ الخروج

 

أفتح عينك امامي

دعني أنفخ السوسة الرابضة فيها

هه!

تجشأت عليك عدما ً كبيراً؟

هل رأيت الكواكب المحروقة فيه؟

وبحاره المهتزة بهذه الموسيقى المتعَبة

ابتلعْ منه ما تريد من مناظر

واعد المتبقي منه إلى مكانه

الذي تركتُه فيه في عدمي

 

في حيرتك الشاملة..

هذه الاعناق المبددة والحيوات المهدرة

هل ضممتها إلى صدرك

هل تسمع مناداتها الداخلية داخل صمتك

أخبرني قبلك

عن الضيوف الساقطين على هذه الزيارة العنيفة

الممزّقين داخل الحوش

أزح اشلاءهم عن الحديقة

لا نريد للأزهار ان تعرف شيئاً غير الرحيق

المضاف إليها بالقسطاط من كل حلم

نريد لاقتراب العصافير

أن يكون اشبه بالهمس

لهذه الثمرة المنتحبة بشدة

نريد لها قشرةً براقةً

لهذا الجحيم الفخم الذي تحتويه

نريدها في غيبوبة مرصّعةٍ بالنعاس

لتسمع خطوات الموت المقتربة بشدة

ولا تشعر بأيّ خطورة

 

 

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى