ثمارغوايات

يا الله إنّ هذا الكوكب يحترق فأنقذه من الفناء

عبد اللطيف

أردتُ أن أوقِفَ طنينُ هذا العالم في أُذنيَّ
أن أنال مِن هذا التصدُع أو على أسوأ الفروض
أوقد شمعةً في ظلام المهالك
لكنّ الريح عاصفةُ بما يكفي لإخماد جميّع الشموع
الريح ضارية لا تنحني لضوء الشموع الخافت النحيل
ولا تستجيب لضراعتها الباكية
حاولت أن أفتح نافذة يمر عبرها النسيم الصافي
تُغازلها زخات المطر؛
لكنّ أمطار الكبريت
أكلت خشب النافذة
وهشّمت الزجاج
حاولت أن أثقب العدم بالكتابة
لكنّ كتلته المتصلّبة
كسّرت جميع أطراف الكلمات المحددة
وأزاميل اللغة المصقولة
حاولت أن أسُد ثغرة الرعب التي تتسلل منها الجثث المتفحمة، والحروب، والكوارث والبراكين، والطغاة
والرماد لكنّ فيضان الموت اللئيم كان قد غمر الجدار بأكمله
حاولت أن أصنع رغيفاً للجوعى
فما وجدت في مخبئي إلا طحين الكلام الرديء
وعظام الشعر النخِرة
لم أجد غير شفراتٍ لامعةٍ
تقُطر منها الدماء
والأوجه المصلوبة والعيون المفقوءة والأنياب
المتحفّزة للانقضاضِ المباغت
الله حين يباغتنا العجز ونعلق في وحل البؤس
حين تكون الدماء الغزيرة أبلغ من زلاقة الكلام الناعم
حين تكون الخشونة الرعناء والمآتم هي المكان الوحيد لالتقاء الأوجه الفزعة ببعضها البعض ببلاهةٍ وندم!

الله حين يخترم الجحيم ليالي البسطاء
وتتحول أيدي البشر لحاصدات
تقطف الحياة اليانعة وتعكّر صفو اﻷرض بالدماء
حين يتعبنا الركض للحاق بالمآتم للحاق بجثث الميتين
التي تتعفن بين أيدينا حين نقتصُّ من أنفسنا بالحياة
ويتحول فعل الحياة لكارثة تتجدد كل صباح لجريمة نرتكبها بلا ندم!
حين تمتد أيادينا لمصافحة الخراب
دون حرج وتستوي الخطيئة بالفضيلة
حين تصفعنا وجوه الراحلين وكلماتهم الأخيرة
وهم يُكابدون الحشرجات.

يا الله.. إنّ هذا الكوكب يحترق فأنقذه من الفناء.

 

* كاتب من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى