من ديوان الموت في عنق زجاجة

(1)
في البَدء
كان الوشمُ
نتوءًا حالمًا
وكبيرًا
الموسيقى
نشوة
لم تُدرَك
السريرة
أُنثى بقلب مُتسلِّق
الكلام صِنَّارةٌ
تلتهم قمراً مُرقَّطاً
إلى يومِ القيامة
التاريخ
مزحةٌ في فمِ شيطان
العشق
بئرٌ ضامرةٌ
الوجود
حيلة للعبور
والأقراط
نيازك لاهثة
ثم كانت أُمِّي
كلَّ الكائنات
وأنا أكورديون
يتدلَّى
يُطفئ ورْدَها
وينام.
(2)
مثلما يقتلُ الطَّنينُ
ذبابةً
ويُجرجِرُ الغمامُ
قمراً رضيعاً
ويَشِمُ الوقتُ الحكاية
مثلما
تسودُّ فراشةٌ
وتُجهَدُ وردةٌ
تفوح الأسرار
وتتعانق الوجوه:
أُحبُّك.
(3)
في صباحٍ كهذا
خيوطٌ تصنع أغنيةً على مهْلٍ
مهرٌ يظنُّ نفسَه كأسَ فِضَّة
النبيذٌ ذهابٌ وحريق
مناراتٌ ولُغةٌ ترتَبِك
أزاميلُ تالفةٌ
تنانينُ تتوسَّدُنا
فيَتطَايرُ الرِّيش.
(4)
الذي يبدأ بالتُّراب
لا يؤول إلى الزَّوبعة
يقعُ بين حاجبَيك
ككُلِّ الذين غرَّرَتْ بهم المقاصد
فصاروا مزحةً
والعمرُ
يَخفِضُ لونَه
يَخفِقُ سباتَنا
ويشتهينا
مرضى وناقصي عمر
وعرق
سكارى
سجناء وغرقى.
(5)
الصُّراخ الذي يُبدِّدُ غيابَك
يُفرِغُ جسدَك ويُهدِرُك
ورغم كُلِّ شيءٍ
ينتفضُ طينُك وينتشي
الذي يُطيل عتابَك
يتمدَّدُ تحت جِلدك،
قطرةً مُكبَّلةً في شريانٍ شَرِهٍ
غائرٍ ومنبوذ
يستندُ على جدارٍ زاحفٍ
كُلَّما قاربَه جافاه
كُلَّما باعدَه تعلَّق
الذي يَهتِفُ فيك
عناقٌ.. عناق.
(6)
الصفيرُ
أن يشرع بابٌ في المغازلة
يموء ويتراقَصُ
يحلِبُ صبرَنا
ويحلِبُ اليقين.
أن يتوسَّل شمعدان
وتبكي زهرة.
أن تًحلِّقَ بضفائرها حمامةٌ
وأن يتورَّد مُهْر.
أن تسعلَ مجرَّةٌ
ينتفضُ غربالٌ يَشبِكُ فمَهُ بفمِ الماء
فتصعدُ الغيوم.
(7)
الفناءُ أُمنية
خيمةُ صبَّار
لحظةٌ فادحةٌ
غصنٌ أعمى
حينٌ دَبِقٌ
وسكتة
عصابةٌ في الخصر
بالونٌ يُدخِّنُك
سماءٌ تضيق بك
ذواكرُ خربةٌ في صدرِ بحَّار
قواريرُ تبكي أمامَ كلماتٍ ميِّتة
حيرةٌ في أوجها
فتورٌ في أقصاه
نجمةٌ
ترفع فستانها لتراك
فتذوب في المِصيدة.
(8)
وأنت يا حبيبي
قنطرةٌ بلا ذراع
وأنا
أخطبوطٌ
يُهروِلُ في المشهدِ الأخير
أرجوحةٌ ترتكب
حماقةَ النَّظَرِ إليك
الموتُ فأسٌ تنغرز في خاطرَيْنا
يُعتِّقُ أقفاصنا
يتدلَّى العمْرُ
والعشق صبيةٌ
تسمعُ وقعَ سُمْرَتِها في قلبِك
والأيام في ورْطَتِنا
غيرتنا وهذياننا
جنونٌ وجنة.
(9)
جسدي جرحٌ أخضرُ
عيناي ظنونٌ وعرةٌ
كُلِّي وقارٌ زائفٌ
أنا
حبٌّ ينغل في
دمك
طيرُك الذي ينقرُ بالَك
أنا
قبطانٌ
تُراوِدُه السفينة
تُضلِّلُهُ الجِهات
صدري
وعاءٌ ثملٌ
وقلبي
واحةٌ
تُشرِفُ
على الهلاك.
(10)
اللونُ
بحرٌ في الإطار
لعبةُ حُبٍّ
وحربٍ
السماءُ حائرةٌ
ومُبتلَّةٌ
بغُثاءِ الخِراف
وضجيج الأسئلة
المصابيحُ مطفأةٌ
حالمةٌ وصامتةٌ
الينابيعُ تنفجر
من فمي
الخيولُ تقفز
فوقي
في ليلٍ
بلا آخر.