غوايات

طوفان الانسان

طلب مني فيسبوك أربع مرات،

أن أحدد نفسي كناجٍ من الفيضان،

تجاهلته في مرتين،

وحينما هممت بتجاهله في الثالثة،

 شيءٌ ما في قلبي تحرك،

ربما الجراد الذي دائمًا ما ينهش صدري،

ويخرج محلقًا فوق زراعتي التي تخضر،

مرةً مرةً بالمصادفة،

ربما القطط؛

القطط التي

كلما أكل العالم لحمي

رمى لها العظم، تخرج أظافرها الشرسة.

ربما السودان، السودان

(يويو) الألم الدائم،

المعقود على القلب،

ينفلت وسرعان ما يعود.

ناجٍ من ماذا؟

ربما من وجهي على شاشه الهاتف

حين يظلم فجأة،

وجهي الذي أخرط لحمه كلما سالت

ملامحي مع العرق مقززةً ومؤلمة،

ربما من صغار الأيام القادمة،

في أياديهم الحجارة وعلى بالهم اللهو وتزجية أوقاتهم الضجرة من الانتظار.

ربما من الكتابة؛

الكتابةُ الأفعى الفزعة

من الخطى حولها،

ربما من الحب؛

الحب في أنسه المرح،

يُعِدّنِي مع صواني الخبيز لفرن الأيام،

فكرت في النجاة كيف تأتي ؟

تخيلتها مجسمة كما أتخيل الأشياء

وعرفت أنها حينما تأت إن أتت

تحتاج كوة للدخول ولم يعد لي متسع،

لفتحة أخرى في مداري الأثيري،

وستفعل فعلها مثل كل الاشياء،

التي نعلم عنها وجهاً واحداً.

أنا مدينةُ الإنسانِ المنكوبةِ على الدوام،

أنا البيوت المحاطة بالماء ذاتها،

وإن نجت من الفيضان،

فلن تنجو من أنين الإنسان،

أنا مواد الإغاثة يا (مارك)،

وهذه لا تنجو أبدًا،

تتخطفها الأيدي والأفواه الجائعة،

أنا ابن نوح يا (مارك)،

أنا ابن نوح يا (مارك)،

لم يخلق الآدمي للنجاة مرةً أخرى؛ أتفهم؟

عمار شرف الدين

كاتب من السودان
زر الذهاب إلى الأعلى