ما كان يهذي بخسارتهِ البردُ
ربّما أسندته الأقمارُ لحاشيةِ صباحٍ تنسَّمَ
الحندقوق المحرَّض وأنا خالتي المطرُ
وعمِّي خلاص السمسم تُعَفِّرهُ هالةُ غبارٍ
مسقوفٍ على حاله
وامنفايَ وأنتَ خصمُ الرَّواق الجرجير المُمرَّغ بأمزجة
القِرَدَة مستويةً على الفخِّ بتيجان دُفلى
سأرفع النهارَ الممدَّد من وريدٍ يُغيظُه
وانسيانكَ
جهرُ الكنزِ ، العينُ المنقولةُ بأبخرة الأشكال
لرفاتِ اللِّسان الأعمى على وسائدِ أتباع الصبَّار
هكذا مدى الطفل ، أمُّهُ اسمهُ ، يدهُ ميثاقه
مرَّت به الخنادقُ
مدنُ التمتمة
التعاويذُ المهترئة ، سمّارُ الأطلال وعنادلها الصفراء
سآويكَ مهرولاً بصفحة الحرب
سأعيد الحجرَ إلى أول يوم خاطبه الله .
وامنفاي يا كلَّه وبعضه وأحيان ذبائحه
شرائحُ المدِّ صفوفاً كفروج المرافئ ذوات مصابيح آناً
تفتِّش الموجَ وآناً يشوبها فراغُ الزّينةِ
هاتِ بشاراتٍ أعتكف قيامةً لجواميسها لحظةَ الباب
المعلَن لأحواض النوم
سأدلقه كضباب الشهود
أُرمِّل فتواه
وأضحكُ منه عليه
هاتِ حلوى الأشباحِ ملدوغةً برنين موصدٍ
قصراً مدفوناً كفكاهةٍ تحت طاولة الولاء
ترجماناً يتلمَّس أزرارَ الغيوم
وغيوماً تبني أعشاشها مثل عصافير تُخدَعُ بكرفس
العزيف
وامنفايَ نفسه مِسك حصافة الشَّغب
يا قِرفةَ السرِّ المُكلَّف بالبساتين الملدوغة / كسرةَ
صوتٍ يمرِّن الجوعَ ، يا رحّالَ الندم الفردوس:
أهذا
الخير
سمانى
المنظر
أم منديلٌ يعابث الشّقاءَ ، منقسماً كغيره من أثاث
الرمل ؟
بعثةُ الريش تهيمن على طاولات الحدّادين
لا يحصون الجَزَرَ الضريحَ ولا يسدِّدون أُجورَ القطنِ
هذا دأبهم ينظرون من كنوزٍ هائمةٍ
إلى سرقاتٍ تركض وراءَ الحشد
هذا إذاً ، ربّما ، ما يتقاذفونه كتثاؤبٍ مرَّ عليه نعاسٌ
يصرِّف بجرائره يموِّه فوانيسَ دميته مصغياً
للضبابِ وجيرانه .
محفوفون بسعال الثِّقلِ
يذرذرون التعبَ في صناديق معبَّأة سلفاً بخلِّ الرّصاص
رحّالةٌ شفويّون
يتلفّعون بقبلاتٍ لا يرونها
يقرئون منازلَ النومِ قسمةَ ما يتأذّى وحيداً
وامنفاي ينازع طويَّة القوارير ، أهذا نهارٌ لأرشّه
بالنوافذ معتصراً ثمارَ الغيب ، أم موفد شهقاتٍ ينحرهُ
الهباءُ
هاتِ الخرائطَ منزوعة اللّون ، خفيفاً سأغمرها
بالشهداء
هات عشيّةَ منسيين ناموا طويلاً
لا حاجب ينادي أسماءهم ، لا أسماء لهم ،
لا قرائن وراء
ستارة الأدوار
ما من كسلٍ يتدفّأ برسمِ الفراشات على
ضباب المفاتيح
هم آخر القتلى أوّل الناجين من دعابة الملهاة يتحيّنون
شبهات الفراغِ ككلِّ السطور
داهموا الصّريرَ بقناديل بيضاء
سلَّموه الجيادَ والأثواب الممزّقة للرياح
آخذين بابه المتأرجح إلى سهرةٍ لا يراها
وهم يزفّونَ القمرَ
لآخر متاريسه الملبّدة بالرسائل
والأبرياء
هم أسوياء عطرٍ يُخان بآذان الصلصال
صورٌ قبض أمهات يفوِّتنَ المرايا حيث لمحنَ معركةً
ترمي عظامَ الغد لوسائد الذهول ، صورٌ أبخرةٌ من
ردهات الضباع وأثاثِ الأدراج ، نِفاسُ زئيرٍ وأُممٌ
صورٌ تحت غطاء الخروع ، سخاءٌ يتبرَّج بفرشاةِ
الأسماء
أعيادٌ تلملم أشلاءها للنحيب
لديَّ شاهدٌ لا أراه
وأنا أتفرَّجُ على أعدائي
وهم الأنيقون في بريد الهواء
وفم الظلام
يقهقهون من بعيد بشعوبٍ متخيَّلة وممالك غارقة
حتى مزاعم السقف
رهائني يتبعون غزلانَ ضحكي ببنادق صدئة
وذهولٍ ترفضه الحدائقُ
وأنا أتفرَّجُ على أعدائي
كلَّما نشبَ الفراغُ
أتفرَّجُ على نصرٍ لم يعتذر لخسارته
تكبَّدَ رماداً ينطوي على جماجم المديح
وأَعلنَ الحربَ بيدٍ واحدة
بجيشٍ من بخار الهزيمة
كنتُ أُزوِّر ما يشبه غيظَ القطيعة أُلوِّنُ حريقَ الظِّلال
بمساكن مؤجَّلَة لهديرِ العناوين
لهم ما تنكَّرَ رشيقاً لمجازاتِ الفرار
قبل شِباكِ الخيط الأبيض
رسموا السفينة
حملوا جرارَ العسل والماء والزيت وهم يتراشقون
بالذكريات
تفقَّدوا المؤنَ المغلّفة بالرسائل والأنفاس
تدرَّبوا طويلاً على النسيان
كانت المناديلُ الممزَّقة ترفرف على الجسر
والرياحُ تغفر ما تقدَّمَ من جدال النظرات
وما تأخَّرَ منها
كنتُ وحيداً أَنزوي في صورةٍ قديمة للحليب
عندما غسلوا القمرَ بدموعهم
وعادوا إلى النوم
لم يستردوا شيئاً من حوانيت اللعاب
يومهم اليتيم
يتقشَّر
والرياحُ تنادي الرياحَ
رياحٌ كثيرة تلمّ عشاءها
قبل الظلام
ما من حفيفٍ يصل أمهاتٍ قُتِلْنَ وهُنَّ يُنمنَ الجهرَ
فوق جلود المغيب
يتدبَّرنَ أكياساً تلمُّ السفوحَ ويقسِّمْنَ فيها حظوظَ
الهمهمات
ما من رفوفٍ تعبثُ بالقسمة
لا قسمة بين مأوى تزوَّج ظلَّه وهزائم رائجة لقوافله
لو صدقَ لغطُ الكنَّات وهنَّ يقدنَ الرياحَ إلى حظائر
الوميض المتعرِّج كسطورِ الهياج في مخازنه
ليعلونَّ ضرَّاءُ الحوانيت
لتعلونَّ مزاعمُ التوت من قلق فراشاتٍ يُنضجْنَ
عناقهنَّ أمام المرايا ،
كيف أردُّ النسيانَ إلى داره والفكاهةُ المحتشمة تتسلَّق
حياءَ الأشباح
ظهورَ الأجُرِّ
الغائبِ وحدائق تُطلَى بالرماة
يَصِلونَ اللّيلَ بإناثِ المسير ذاته ؟
كيف له مذ جُفِّفَ البحرُ أن يتباهى
بمصابيح تستكمل زمّجَ الماء فوق مدى يتماوج
كدهاءِ الثِّقل ؟
كيف لي ـ ومعاطفهم تلامس ألقابَ الياقوت
المزوَّر ـ كيف لممحاتي
يا للممحاة
تشير
لأقصى
الهواء
الممزّق
بهياكل
الكافور ؟
خلطٌ وقد رتَّبوا الحذرَ المخطوف
دفوفٌ ولا أعواد ثقابٍ للسعاة يقلِّبون
موتهم وهم يبيعون صغارَ ما سمعوه
في مقايضةِ الممتدحِ بفراره
ما من يدٍ طليقة في شاحناتِ الغيب
وهي ترمي اليقينَ المقطوع من مريديه
والإسكافيُّ المنكبُّ على قدور الزّيت
سيلوِّن المسافةَ بما يشاء
لا برق يحجب حليَّ شقيقاته الهاربات بأقساطِ
الذّهول خلفهنَّ هديرُ مزادٍ ككلِّ براهين الملح
بعد الآن لا نهبٌ تخيط أزراره شتائمُ الوفود
لا حلوى تحت لسان النقوش
لا لمسٌ لمتنزَّهات القُبَل
لا جسور فوق المياه
ولا مياه إلا ما كبَّلته وسائدُ الولاء
عنبٌ من لا مكان
عبورٌ يُخان بمفاتيحه
نسجٌ لا يفضي إلى خيوطه
وهيئاتٌ أخرى للضحكِ غير ما تعوَّدته البساتينُ
ونومٌ يطوي عتبات النحَّاتين وأكاذيبهم على الغبار
نومٌ عطشٌ يُقادُ إلى حتفه ، عزيفٌ يتأرجح فوق
سدود المعجم
ماذا بقي من نهارٍ يرتعد
على جذع المساء
منتظراً الفرسَ التي حملت اسمه
ليغتسل في البحر ؟
ماذا بقي من الرواة وحوانيتهم ؟
نزلوا من قُفَفِ الرّعد حاملين المدنَ فوق بعضها قائلين
للذي امتدحَ النواطير لا تبتعدْ عمّا تكلَّمتَ
ماذا بقي من الليل
من الصباح المنكفئ على جَزَرَةِ الميثاق
من عثرات الجنود بخيال النصر
ومن نصرٍ يحوِّم كضبابٍ أثخنته الدموع ؟
خيولٌ رمادية في شهرها المقيت توبِّخ الهواءَ
ستلد نعاماً برؤوس غربان وجراداً يأكل المتاهَ وأرغفةً
تموء من الجوع .
دهرٌ بضماداتِ أعيادٍ
ثاب إلى رشدهِ
من رشدهِ
ليموسقَ المكاييلَ الجائعة
كلُّ طعمٍ يؤخِّر طاساتهِ ، كلٌّ صدعٍ أعمى يصفُ
الركامَ لجارهِ الميِّت منذ أوّل قذيفة
نزلوا تباعاً
السحرةُ وباعة الكتَّان
النائمون بوسائد حجرية
الطبَّاخون بقدور الزيت المتلعثم بالرمال
المنشدون بطبولٍ مسروقة
ورسموا كفوفاً تصفِّق لقواربهم وهي تغرق
سيعدّون المطرَ دمعةً دمعةً
والهواءَ زفرةً زفرةً
سينامون وأحلامهم تجوب الصقيعَ
لا أحد يتعرَّف إليهم
سوى ما تشتريه الرياحُ
كلَّما عثرتُ على مخازن آمنةٍ لقدور الشتات
فرّوا بالزنازين
أسراي هربوا بي إلى يقظتهم
أحذيتهم المعلَّقة على الأشجار
تتقاطر ظلالاً وموازينَ مختومة باليقطين الحاكم
يرمونَ الحجارة لكلابٍ تعود بأرديةٍ تتنفّس
يشقّونَ صدرَ الذي لم يروه
قائلين لرفات الصّدى أَعِدْ نزالكَ .
رثاءٌ جديدٌ أسفلَ مشورة السيل ، مراوحُ صخبٍ
كالذباب وأبراجٌ عالية تصحِّح عُمرَ الطوفان
فلْيعذُرني لغطٌ يفضي إلى مغاليقه
الوسائدُ مشقَّاتٌ
فوق سرير الخيال
ماتَ حشدُ الذّهب العدَّاء
وظلّت الأيدي تصفِّق لبريد القنابل تنادي حرائقَ
الظلال
فلْيعذُرني الطيرُ والماء المسروق من عربات المهاجرين
يُرَشُّ خلفهم الزهرُ وملح الأصداء ليعودوا ثانيةً
تحت ضأن السحب بقوارير من رماد السأم
لأَعذُرَني إن بايعتُ الياقوتَ في منزلٍ أتذكّره وحدي
وأُغضي لنوافذه حذرَ الهمهمات وخيوط الراحلين
ولْيُثَرثر كلُّ اتجاهٍ في يقظتهِ
حيث تدوِّن الوسائدُ هرجَ الأحلام
وما يشبه الزغاريد المطهوّة بالنظر
أو أخواتِ المأوى
وليكن : سأردُّ لكِ زكاةَ المنادين
رسائلَ الشهور جميعاً والعناق الهارب
بالنرجس المدفون
علبَ الألوان النائمة على حافة البياض
سأردُّ لكِ معصرةَ الشتاء ورفوف النواقيس
رايةَ البكاءِ وأغصان السّاعات
سأحمل الظلَّ إلى أبويهِ
والبحرَ إلى بصر الغرقى
ولتكن بيننا : أحلامٌ لم تطأ النظراتُ سهولها
كليلٍ صغير يسرق نعاسه من دفاتره المخبأة بعينيهِ
أيّها النومُ
لا تطع أقساطَ نظرتكَ للمتاه
وأَعِدْ شؤونَ الرياح للياسمين
خذ حصصَ اليقين إلى ما كنته قبل حصاد الكثبان
* شاعر من ليبيا