ثمارغوايات

ومن حوافره الغِرَاءُ

جليل سليمان

يبدو المشهد أشغالاً حمراء هنديَّة.

(1)
يبدو كوعاءٍ، قاربَ صيدٍ، خيمة، دِناناً مِن عاجٍ، خمراً من جوزِ الهندِ، وشماً تنقشه امرأة في نهدِ شقيقتها، عجيزةِ زوجِ أخِيها الأكبر، أو في عنقِ الحسناءِ الجارة.

(2)
لحاءً، أعشاباً، سيقاناً، وجذوراً من أشجارٍ مُتجذرة أو باسقة، أوانيَ، أبواقاً، أكواباً من قرن الجاموس الوحشي، كخيام، كسروج، كسياط، أوعية وقوارب من جلد الجاموس الوحشي. سهام، حراب، سِنان رماح، أمشاط، خناجر، وإبر حياكة، من قرن الجاموس الوحشي.

(3)
ومِنْ حوافِرهِ الغِراءْ.

(4)
نصل الهندي الأحمر يُمزقُ أحشاء الجاموس الوحشي. يخرجُ كولومبوس دامي الوجه بلا قدمين.
يا روح الحبيب، يا وطناً مُجهداً. يا أنتِ إذ تُثبتين قلبي الجزِع بين إصْبعيكِ بغراءٍ مُستحلب من حافريْ جاموسٍ وحشي، فماذا قُلتِ؟

(5)
الهنديّ الأحمر وبِمديةِ عاجِ لامعة النصلين، وبحنكةِ قصّابٍ أنفق كل العمر كساطور (جِزارة)، يُقسِّم ما اصطاد جُزيئات، فيحيل الجاموس الوحشي إلى وجبة، تسريحة شعر، طعنة خنجر، أردية للحسناوات، لا تستر إلاّ ما يتيسر منهن، وتترك ما لا يتيسر للعشبِ أو الريحْ.

(6)
قال صبي في خرطوم الراهنة: لو أن النيل هنا كان كمثل الجاموس الوحشيّ:  لأكلنا وشربنا، ونصبنا منه خيمة للكل، وثقفنا منه خناجرنا،  وبإبرةٍ من قرنيه حاكت نسوتنا أردية الجلد، ثم استلقين على العشب كتمائم .

(7)
قالت امرأة في (خرطوم) الماثلة الآن: لو أني اخترت حوافره وطناً، لتوفرت على أطنان غراء، أعدت بها ما انقطع من الود، وألصقت الخرطوم بواو.
قالت: (خرطومو) كانت خرطوماً للكل، وكان الوطن يُقام على أحشاء الناس جميعاً، لكن الجاموس الوحشي اُغتيل مساء الأمس.

 

* قاص وصحفي من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى