ثمارغوايات

الخرطومُ الأَخِيرة

أنس مصطفى

يَغرقُ كلُّ شيٍء في ليلِ المدينةِ الأبديّ،

تغرقُ الطُّرقاتُ في صَمتِها،

البيوتُ في النُّحولْ..

في المدينةِ اليائِسة

ترى كمْ من الوقتِ مرَّ..؟

كمْ منْ الانتظارْ..؟

كَمْ

يأسَاً

وضَغِينَةْ.؟.

في الحضيضِ  سَمَاوَاتْ..

في الحُلكةِ قَلبٌ وجَنَاحْ..

في الصَّمتِ مسَاكِنْ..

في المدينةِ التي يَلُفُّها النَّدَمْ،

التي  تَسْتَعذِبُ أسَرَاهَا وَمَوتَهَا،

يُوجِعنِي ما تبقَّى:

نَافِذَةٌ يَتِيمَةْ،

أفتَحُها في الغِيَابْ،

وحشَةٌ غَائِرَةْ..

مطرٌ قاتمٌ وكُهُولةْ..

في الشَّوارعِ الدَّاكِنةْ،

تنطَمِرُ الحياةُ..

وينطَفِئُ كُلُّ شَيءْ..

تغرقُ الخرطومُ في ظَلامِها الأَخيرْ…

ولا شيءَ سِوَى الشَّواهدُ التي تُومِضْ،

القِبَابُ والأضْرِحةْ..

ثُكُناَتٌ وَمَعَاوِلْ..

ها أجوبُ الطَّرقاتِ وحيداً،

غريباً في طُرُقاتٍ غَرِيبةْ..

أبحثُ عن جِهَاتٍ مَفقُودَةْ..

عن نواحٍ بَيضَاءْ،

لم يطالَهَا الحُطَامُ بعدْ..

في بِلادٍ ضيَّعتْ فَوَانِيسهَا،

وأهالَتْ التُّرابْ…

ينتشرُ الحطَّابونَ في النَّواحي القديمةْ،

يتصيَّدونَ بقايا النُّورِ

بفؤوسِ العَتَمَةْ..

يتصيَّدُها الأنبياءُ الكَذَبَةُ

بسمَاواتٍ زائِفةْ..

في عَتمةِ اللَّيلِ هُنا..

ما الذي يُومِضُ في النَّواحي البَعِيدَةْ..؟

ما الذي بغتَةً يَنْطَفئْ..؟

أهيَ التماعةُ الفجرِ على تِلالِ الحياةْ..؟

أهوَ النَّهرُ تغسِلهُ الشُّموسُ الوَاهَنَةْ..؟

أم أنهَّا الفؤوسُ ثانيةً..؟

* شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى