ثمارغوايات

ثعبان

هاشم يوسف

الثعبان الذي معي في الفراش
بشرته أنعمُ مما أردتُ
خاط باسمه نواحي شهوتي
عناقه أبدٌ
وقُبلتُه مسألة

الثعبان الذي أنتجَتْه بذرةٌ مجهولةٌ
وجد نفسه فجأةً في الحديقة
دون أن يقضي فترةً للتكوّن في أي رحم
كانت بذرةً من حديدٍ
بينما كل المعادن فيها حاضرة
أول خضرة بريئة ظهرتْ على سطحه
اختطفتها شجرةٌ
ثم ركلتْه خارج قاموسه
عقَدتْه بناموسٍ ما, إلى ساعدٍ للإساءة:
لكّامٌ ومؤدِّب.

وقالوا لي: شجرتك أينعتْ
لكنّ غصنك تفاقم
ازدادتْ الحُمّى فيه
يهذي
ستتفكك أوصالها ثمرةً ثمرةً, بسببه.
أرجوك لا تنزف المناولات من يدك
اقسُ قليلاً على العصافير
انسف التعاقد الذي بينها وبينك
إيّاك والأحاديث الهامسة معها
هناك أذنٌ خضراء في الشجرة، تسمع

سيُترك لك جلدك الممزّق
بكل تقرّحاته وتقشّفه
ويستبدل الله قلبك
بحجرٍ ألقيتَه في البئر
بعد أن استنجيتَ به جيداً:
كامل الزينة، أكحَل
ثم استمتع بالنبضات القاسية
والخفقات المريرة
التي تتحطّم على صخورها الناتئة الدقائق
يدق الألم على جدران صدرك
حتى تستيقظ القيامة بين أزواجها الميّتين
وتنجب بين يديك جنين العذاب اللطيف

ثعبانٌ منير
وضعتُه قرب الغروب
كانت الطوافين تتلاعب بين يديه
دون أن تتحسّر على ظلّامة الإنسان
وعندما اختطف قرصانٌ الشمس في زورقه
أضاء
وحوّل المياه التي حوله إلى مصابيح.
هكذا عرفتُه منذ البداية
وعلى ذلك درّبتْ ميلاده تلك القابلة
لذا كل الأرحام التي خرج منها في ولاداته المتعدّدة
مفجّرةٌ
وممسكٌ بتلابيبها قاتلٌ ملتحٍ

ثعبانٌ بيضه في يديه
مجهوده اللامع هو ما أنتج الخليقة كلها
أنوثته تفتّحتْ بين يدي الجبّار المنمّقتين
وهي التي
تهشّمتْ تحت نعله:
الوقت تكثّف في وجهه فأعماه
وما درَتْ
أقدامه التائهة المتخبّطة ماذا وطئ

ثعبانٌ جراحه ذات الشجرة
التي تتناهب أوجاعها العصافير
المناقير تلعق سمّاً لا شكّ في ولائه للتفاصيل
يبحثون عنه في كل تحليقةٍ
لا يجدونه
لأنه معلّقٌ من مشجبٍ غائبٍ
على مشرٍّ ما
في حقلٍ شديد العصف
أرجاؤه تهب على بعضها
ولا تتئد

الآن فقط
باركوا لي جناحي الناشئ في قلبي للتوّ
ايّا الصيادين والصيد
لم أفترش موتاً بعد
ولم أتغطّ ولو بمزقةٍ ضئيلةٍ من نحيب
أحتاج إلى القليل من الوقت قبل نشاشيبكم
لأدفن نفسي في تلك البشرة الحساسة
التي اقترحتْني عليها تلك العصفورة القملة الداجنة.

 

*شاعر من السودان

زر الذهاب إلى الأعلى