مقتطفات من مجموعة “يومٌ آخر”

– ترجمة : حاتم الانصاري*
(1)
(دخاني)
دُخاني
بعذوبة،
النجوم
تَجْتَلِبُ كالنُدَف.
هنا.. كتبٌ بلا تواريخ
مصفوفة بعناية
من أرابال إلى تسفايغ:
إنه الحلم ممنهجا.
تينَتِي نامت سلفا
على الحائط بضع تذكارات
جُلِبت من الرحلة الأخيرة:
فأسٌ من “أزينكور”، رمحٌ من “الثورة”
سيف من “الكوميونة”
أربعة قرون من المجازر
مقابل ثلثمئة يورو شاملة الضرائب
إنها بالأحرى مهدئات
مثبتةٌ بمسمار.
أثبت ناظريّ على ألواح الباركيه
أستحضر عددها
يَحدُث أن أحصيها أحيانا.
اليوم يوم أحد
حيث لا شيء، تقريبًا، يتحرّك.
طرف السجادة يثبّت الباب
وساعة الحائط، كما يبدو، توطّد نفسها.
لا شيء يتحرّك
باستثناء النجوم
التي لا تزال تواصل السقوط.
(2)
في مكانٍ ما منْ “ماهي”
قبل عام
في حياة كهذه
أُهْديَت إليَّ حفنة من ثمار الأوجينيا
مجدليّات “بروست” على الطبيعة.
نَثَرتُها على الرمل
كانت هناك صخرة عظيمة من الغرانيت
تحجب الأفق.
كانت السماء غايةً في الصفاء
إلى درجة أني غطَسْتُ فيها.
(في زاوية المشهد.. شَعرٌ أسودُ لا نهائي)
صوت طفلي
يقتادني إلى خَبْوي
ثمار الأوجينيا أضاءت المكان
فكرت في رسم لوحة سريالية،
كما لو أن الشاطئ ينزف..
هذا ما وعيناه.
…
في غضون عام..
أو عامين- ربّما
في أرخبيل “زنجبار”
أطالع الشمس ساعة المغيب.
مترقبًا شعاعها الأخير،
لكي أرى ما إذا كان أخضر اللون.
ضحكات أطفال..
تقتادني إلى خبوي
فتياتٌ صغيراتٌ يَرتَدِدن عن الموج
الظلال الأخيرة تتلاشى رويدًا رويدا
والأفق كذلك.
وذلك الرمل… الذي أزحلقه من يدٍ إلى أخرى
في زاوية المشهد
تطفو خميلة سوسنيّة
الأخضر ها هنا
المؤذنون… ينادون إلى الصلاة
ليس في وسعهم أن يدركوا
أني بالفعلِ
أُصَلّي.
(3)
الجدران العارية لغرفتي
الكثير من قماشات الرسم،
حيث تُعرض.. افتراضًا
الأشكال التي تُثْقِل رأسي.
أي سيماء دربٍ سريعٍ تحت الجليد؟
رصيف المحطة هذا:
يدان مقفّزَتان على مسافةٍ من نافذة
أوشحة في مهبّ الريح.
ثمة وجهٌ مفقود
الوجه نفسه دائما.
ذكرياتي
ترتدي الحجاب.
(4)
حزمةٌ فارغة-
إحدى عشرة وظيفة، قال البائع:
شفرة كبيرة، فتاحة علبٍ صغيرة، مثقاب،
فتاحة كبسولات (بها مفك في نهايتها)،
مقص، خِلال، خرّامة، ملقط.
لدينا إذنْ عشر وظائف
سنعثر على الأخيرة في النهاية.
يداي تبتسمان
تلك الابتسامة التي لا تعرفها سوى الأيدي.
بقايا من كعكة عيد ميلاد القواديس
من شراب الرمان الذي اندفقت منه حبيبات كثيرة
من الأمس،
وأنا بدوري أبتسم تلك الابتسامة
التي لا يعرفها سوى الآباء.
رغمًا عنهم.
(5)
جسر “بونتي فيكيو”
وعهود قهوتي.
حقيقيٌ لا تشوبه شائبة
كما نهوى.
في هذا الركن من العالم
فنجان اكسبرسو
مُدَمْلَكٌ مثل فتاة بِكرٍ.
“فلورنسا” هي المدينة
التي تُفتضُّ فيها عذرية الملائكة.
“مايكل أنجلو”، “دوناتللو” والصحبة:
هناك من الروك آند رول
ما يفوق حتى ما لدى “الرولنغ ستونز.”
ينادونني
من الضفة الأخرى
لنهر “أرنو”.
بقي أن تأخذ الفردوس.
أيها الفانون البسطاء..
أترككم هنا.
* شاعر ومترجم من السودان